شهدت العلاقات السودانية التشادية في الآونة الأخيرة تطوراً ملحوظاً في كافة المجالات، وأصبحت تجربة القوات المشتركة تجربة يحتذى بها، كما أصبح السودان القبلة الصحية لمرضى تشاد، ونشطت العلاقات التجارية من خلال تجارة الحدود بالإضافة الى الاتفاق على استيراد وتصدير المنتجات التشادية عبر ميناء بورتسودان، وفي المجال السياسي هناك العديد من الاتفاقيات التي وقعت في هذا الإطار عبر تشكيل لجنة رفيعة المستوى بين البلدين، فيما تميزت العلاقات بين الحزبين الحاكمين ونشطت الزيارات بينهم، ولكن المتابع للمشهد يرى أن معظم الاتفاقيات تسير ببطء ولتسليط الضوء على مايدور خلال تبادل هذه الزيارات بين المسؤولين التقت آخر لحظة برئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأمين العام للحزب الحاكم للحركة الوطنية للإنقاذ mps) بتشاد الذي تحدث بدبلوماسية السلك الدبلوماسي، وبذر الجيش فقد كان الجنرال محمد علي عبدالله سفيراً لجمهورية تشاد في فرنسا، وعمل في الجيش التشادي في أرفع المناصب حتى تولى منصب وزير الدفاع ثم وزير الأمن العام والهجرة. حوار-هبة محمود * ما هي طبيعة زيارتكم للسودان في هذا التوقيت؟ - تأتي زيارتنا في إطار التنسيق السياسي والحزبي بين الحركة الوطنية للانقاذ في تشاد بقيادة الرئيس ادريس دبي والمؤتمرالوطني بقيادة الرئيس عمر حسن أحمد البشير، ويأتي هذا التنسيق في إطار تنمية وتطويرالعلاقات المميزة بين البلدين، وأن زيارتنا تعكس سبل تطوير كل الاتفاقات الثنائية الموقعة والمتعلقة بتفعيل المسارات السياسية والاقتصادية والشعبية من أجل التواصل بين البلدين نحوالأفضل. * ماهي القضايا السياسية والاقتصادية التي تم تفعيلها خلال الزيارة؟ - هناك العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومنها التبادل التجاري والمنطقة الحرة، وتأمين حركة الاتصال والتواصل بين البلدين نحوالأفضل، هذا بالإضافة الى مواجهة التحديات الاقليمية والدولية في المنطقة، ومن خلال زياتنا فقد تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية بين الحزبين الحاكمين في المجال السياسي والثقافي والشباب والرياضة، وهذه الاتفاقيات المبرمة تأتي ضمن الاتفاقيات الرسمية بين الدولتين. * هناك العديد من الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بين الحزبين وأخرى على مستوى الدولة- كما ذكرت- ولكن ما تقييمكم لهذه الاتفاقيات حتى الآن؟ - حقيقة وجدنا بعض الاتفاقيات لم يتم تنفيذها بالصيغة المطلوبة لعدم المتابعة، لذلك قمنا بتجديد بعض الاتفاقيات وعمل برامج تنفيذية يتم فيه عقد اجتماعين خلال العام بين البلدين حتى يتم تنفيذ الاتفاقيات بالصورة المطلوبة من أجل خدمة شعب الدولتين. * مشكلة دارفورأصبحت الهم المشترك في البلدين أين وصلت تشاد في الوعود التي قطعتها على نفسها لحل هذه الاشكالية؟ - نعم مشكلة دارفور من أهم القضايا التي تواجه البلدين، وفي هذا الصدد فإن الحكومة التشادية تبذل كل جهد يمكن ترجمته الى صيغة تفضي الى سلام في دارفور، ومؤخراً قامت الحكومة التشادية بالتوسط لتقريب وجهات النظر بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، ولذا فقد جاءت رؤى الرئيس إدريس دبي للاتصال بكل المعنيين والتشاورمعهم وإيجاد المناخ الملائم لحل المشكلة القائمة في دارفور، وانهاء الخلاف والوصول الى سلام دائم، و قام الأخ الرئيس ادريس دبي بالاتصالات مع كافة أطراف النزاع والاستماع الى وجهة نظرهم في كيفية الحوار والتفاوض، وهو الأمر الذي دفع بتشاد الى عقد مصالحات أهلية في البدء. * برأيك ما هي المشكلة الأساسية التي أزَّمت الموقف في دارفور وكيف تنظرون الى علاجها؟ - ترى تشاد أن المشكلة الأساسية التي أزّمت الموقف كثيراً في دارفور هي نزاعات المجموعات القبلية، فقد كانت مصدراً رئيسياً للصراع المسلح في دارفور، لذلك كانت المرحلة الأولى التي قام بها الرئيس دبي هي اللقاءات الأهلية لترسيخ ضرورة العيش معاً أولاً، ومن ثم تأتي المرحلة الثانية وهي الاتصال بالاخوة في الحركات المسلحة واقناعهم باتجاه الجلوس الى الحوار والتفاوض والوصول الى سلام مع الحكومة السودانية، وبذلك فإن الحكومة التشادية ستواصل في مسعاها الحميد من أجل تحقيق هذا الهدف من أجل تقريب وجهات النظر مع الجماعات المسلحة، وهو الأمر الذي سيساعد أخواننا في دارفور خاصة والسودان عامة من تحقيق السلام وأغراض التعايش السلمي بين الجميع، لأن الحرب مكلفة ومدمرة للجميع، ومهما طال الصراع فلابد من ايجاد صيغة للحل والسلام. * هناك مبادرة تشاد التي عرفت بمؤتمر أم جرس الأول وأم جرس الثاني ما مدى نجاح مخرجات هذا المؤتمر في ظل تعنت الحركات المسلحة بدارفور؟ - مؤتمر أم جرس جمع فيه كل أبناء دارفور ومخرجات المؤتمر مبشرة جداً، فالاخوة في تشاد والسودان على مستوى الرئاسة أعطوا المؤتمر اهتماماً مقدراً مما شجع الأهل في دارفور بالعمل على انجاح مخرجات هذا المؤتمر، خاصة وأن الأخ الرئيس ادريس دبي التقى بنفسه مع قادة الحركات المسلحة من أجل اقناعهم للجنوح للسلام في دارفور. * البعض يتهم مؤتمر أم جرس بأنه مؤتمر قبلي يستهدف قبيلة الزغاوة ؟ - المؤتمر يستهدف كل أهل وقبائل دارفور، ولا يقف عند الزغاوة فقط ومن يدعي هذا الادعاء ويوجه هذا الاتهام، فإنه بالتأكيد بعيد كل البعد عن المؤتمر وحيثياته لسبب بسيط لأن المشاركين في المؤتمر من جميع قبايل دارفور وقد شاركوا بصورة فاعلة وخرجوا بتوصيات تمثل تطلعات أهل دارفور، وتم تحت إشراف رؤساء الدولتين، والسودان وتشاد ليستا دولتين قبليتين لكي تشرفان على مؤتمرات قبلية. * هل مقابلات الرئيس ادريس دبي مع رؤساء الحركات المسلحة خرجت بنتائج مبشرة؟ - دائماً مثل هذه اللقاءات تظهر نتائجها بعد مداولات ولقاءات مستمرة، ولكن الى حدٍ ما هناك تقدم ونتائج إيجابية ومبشرة ترمي لتقريب وجهات النظر بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، وستواصل تشاد في مساعيها حيال ذلك، خاصة وأن الرئيس دبي يشرف بنفسه على توطيد السلام في دارفور واتفاقية الدوحة تشهد له بذلك * هناك آلية بين تشاد والسودان تُعنى بالعمل السياسي هل توقفت فاعلية هذه الآلية؟ - خلال هذه الزيارة تم تفعيل كافة الاتفاقيات المتعلقة بالعمل الثنائي من اتفاقيات سابقة وتنشيط كافة الأطر التي من شأنها تطويرها نحوالأفضل لأن التعاون بين تشاد والسودان أصبح تليه شروط التحديات الماثلة أمام البلدين، ومن خلال هذه الزيارة نعتقد أن العلاقات تسير بخطى ثابتة نحو التطور الى الأمام، ونحن بدورنا سنبذل قصارى جهدنا للسهر من أجل الوصول بهذه العلاقات الى فضاءات وآفاق أرحب من التعاون وتنسيق المواقف في كافة المجالات بين البلدين الشقيقين، انطلاقاً من العوامل التاريخية المشتركة بين الشعبين الشقيقين. * هناك مشاكل اقتصادية تحيط بالمنطقة ماهي الترتيبات التي اتخذتموها من أجل انعاش اقتصاد البلدين؟ - من الناحية الاقتصادية فإن الأمور تسير بصورة جيدة وفي الفترة القادمة ستزداد التعاملات التجارية بين البلدين فقد تم الاتفاق على أن تستورد تشاد ما تحتاجه من الحديد عبر ميناء بورتسودان كما تم الاتفاق على توصيل طريق بري من الخرطوم الى تشاد، وقد قمنا من جانبنا بمد الطريق البري من انجمينا حتى أبشي كما مد السودان الطريق من الجنينة حتى أدري، وخلال هذا العام سيتم افتتاح الطريق البري وهناك أيضاً منطقة حرة سيتم عبرها استيراد وتصدير المنتجات التشادية عبر ميناء بورتسودان، وكذلك هناك تخطيط لانشاء سوق حر في الحدود أضف الى ذلك فإننا نصب مجهوداتنا في كل ما ينعش الاقتصاد بيننا من أجل وازدهار. * في ظل التحديات الاقليمية التي تواجه البلدين ما هي وجهات النظرالمتطابقة في ذلك؟ - إن التحديات التي تحيط بالبلدين كبيرة جداً في المنطقة، وإذا أخذنا في الاعتبارأحداث افريقيا الوسطى وتطوراتها، ونيجيريا التي تواجه اشكاليات كبيرة مع الجماعة المتشددة (بوكوحرام)، وهناك النيجرالتي تعتبر دولة غير متماسكة، وليبيا التي عمها الاضطراب الأمني من كل الاتجاهات، ولا نجد في المنطقة دولة مستقرة إلا الكمرون، وفي ظل هذه التحديات نرى أن التنسيق بين تشاد والسودان أضحى أمراً ضرورياً لمواجهة هذه التحديات للتخفيف من حدتها وتأثيرها وخطورتها على الدولتين، ومن خلال زيارتنا هذه فقد تطرقنا لكل القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين والتي سيتم التنسيق والتعاون بصددها. * ألا تعتقد أن مشكلة افريقيا الوسطى ستلقي بظلالها على اضطراب الحدود بين السودان وتشاد وقد تنشط حركات دارفور فيها ؟ - الحمد لله الأمن الآن متوفر في المناطق الحدودية ولكن المشاكل التي حدثت في دول الجوار بالتأكيد ستؤثر في تشاد والسودان اقتصادياً وأمنياً، لذلك نعمل مع بعضنا البعض من أجل تجاوز ما يحدث في دول الجوارمثل افريقيا الوسطى وليبيا. * هناك احتجاجات بعد أن أعلنت تشاد اغلاق حدودها مع افريقيا الوسطى؟ - أغلقنا حدودنا مع افريقيا الوسطى نتيجة الانفلات الأمني هناك وتحسباً لعدم انتشار السلاح في المنطقة الحدودية، ولكننا نستقبل اللاجئين بأعداد كبيرة ونقدم لهم الايواء والغذاء والعلاج، وهناك العديد من المنظمات الإنسانية التي تعمل على مساعدتهم . * ما هي استعداداتكم للانتخابات القادمة في تشاد في ظل كثرة الاحزاب المعارضة هناك؟ - هناك حوار بين الحركة الوطنية للانقاذ في تشاد وكل الأحزاب السياسية عبر المجلس الوطني للحوار السياسي والذي يجمع كل الأحزاب السياسية للتشاور معهم في كيفية تنظيم الانتخابات البلدية والتشريعية والرئاسية القادمة في بلادنا ويضم هذا المجلس (140) حزباً. * الانتخابات في تشاد والسودان على أبواب العام القادم.. ما هي أوجه التنسيق بين الحزبين الحاكمين والاستعدادات لخوضها في ظروف حافلة بالاضطربات في المنطقة؟ - بات التنسيق بين الحزبين ضرورة في هذا المجال، وذلك عبرتبادل الرؤى والمعلومات في المجال الفني بين الحزبين، ونحن في تشاد لدينا تنسيق كبير مع الأحزاب السياسية من خلال المجلس الوطني للحوار السياسي، وأيضا نرى أن هناك حواراً وطنياً بين المؤتمر الوطني والأحزاب المعارضة في السودان فإذا استمر هذا الحوار الوطني سيسهل كثيراً من الأمور ويعالج الكثير من القضايا خاصة الأمنية، ويعطي الدولة قوة تؤدي الى توحيد خطاب الدولة ولا توجد فيه تناقضات.