لماذا اختار الامام الصادق المهدي هذا التوقيت «بالذات» للتوقيع على إعلان باريس مع الجبهة الثورية؟. الصادق يعلم أكثر من غيره إن هذا التوقيت بالذات يتزامن مع فصل الخريف والذي لخصه المثل الشعبي قائلاً «إجي الخريف واللواري تقيف» المهدي مولع بالأمثال الشعبية فلماذا اختار الخريف لخطوته السياسية المفاجئة والتي جاءت وكل شيء متوقف في البلد؟!! أغلب الآراء والتعليقات حول الخطوة ذهبت إلى إنها جاءت كرد فعل شخصي عقب اعتقاله عندما أنتقد بقسوة قوات الدعم السريع وذهب آخرون إلى إنها جزء من طبيعته في إتخاذ القرار الخاطيء كما قال الصادق الرزيقي «يخطو في الفراغ ويقفز في الظلام» ومضي الرزيقي بقسوة ليقول في حق الزعيم «يترنح صفرياً هو كل حصاده وسيظل هكذا في «زبونية» سياسية يعطي هنا ما يأخذه هناك». أنا اسأل وأقول ولماذا فصل الخريف؟ بالمناسبة هل كان لقاء المهدي الشهير مع الدكتور جون قرنق عندما أصر الأخير أن يجلس معه بصفته رئيس حزب الأمة وليس رئيس الوزراء هل كان ذلك اللقاء في الخريف أم ماذا؟. في قرارة نفسي أن خطوة المهدي لا علاقة لها بكل الذي قيل ولكنها تأتي في سياق المنافسة «الماراثوني» والصراع المحموم بينه «ونسيبه» وخال اولادة امام الاسلاميين المجددين الشيخ حسن بن عبد الله الترابي أحسن الله سره وجهره. الصادق المهدي زعيم سياسي محترف يعرف الكثير ويجيد العاب الدهاء والمراوغة السياسية لكن حيل الشيخ أعيته وهدت «حيله» وكل مناه أن يعرف ماذا تخبيء لهم الأيام وماذا يطبخ الشيخ مع تلاميذه في الوطني من طبخه؟ وعندما عبثت الشاشة «الغشاشة» ورفضت أن تبوح بشيء أراد المهدي بوثبته الباريسية أن يركض بحصانه خطوة متقدمة وغير مسبوقة ويذهب مباشرة للجبهة الثورية. مشكلة الصادق المهدي أن الترابي ملم جيداً بكل فصول السنة ويعرف ماذا يعني الخريف في السودان في إحدى المرات وقبل أعوام توجهت بسؤال لسياسي سوداني بارز لماذا يربط الترابي كل خطواته المهمة بفصل الخريف؟ راجعوا تصريحاته ايام التمكين.. بعد الخريف حل مجلس قيادة الثورة.. إعلان النظام الاتحادي قبيل الخريف. النظام التوالي السياسي بعد الخريف.. اجابني السياسي قائلاً إن الترابي أكثر زعيم سوداني يعرف ماذا يعني الخريف في السودان.. هو المحور الوحيد الذي ينشغل به الناس يؤجلون كل شيء حتى ينتهي فلهذا تسمع الترابي يقول نفعل كذا «قبيل» أو «بعد» الخريف؟!! العرب يقولون الخريف من أوله!! فردود الأفعال الأولية لاتفاق الرجل غير مشجعة فابن عمه نصر الدين الهادي دق أول مسمار خلاف داخل الجبهة الثورية برفضه للاتفاق واعاد للاذهان موقف الصادق الخشن منه عند انضمامه لقطاع الشمال. وكل كتابات صحف الخرطوم هاجمته وناس الشعبي على لسان بارود صندل قالوا إن كانت الخطوة مكايدة سياسية فستكون خصماً على الاستقرار في السودان!! انها رائحة «بارود» والله!! هل التاريخ يعيد نفسه عندما قسم الصادق المهدي قوى التجمع في الخارج والداخل حول الموقف من عملية تهتدون والتي في نهاية المطاف لم يكسب الصادق منها شيئاً وشق صف المعارضة وأعطى الحكومة «كروت شحن» مجانية لم تكن تحلم بها!! يدخل المهدي أرض الجبهة الثورية في آوان الخريف ليزرع وقد سبقه من قبل لذات الحقل «هالة» و «صديق يوسف» والكودة وموسى هلال؟ فماذا كان الحصاد؟!