الآن نخرج من قاعة الشهيد الزبير.. نشد الرحال وننيخ رواحلنا في مضارب النادي الكاثوليكي.. نستأذن السكرتاريا ومدراء المكاتب.. وطاقم الحراسة.. لنجلس قبالة البروف غندور لنغرقه بهادر السيل من الأسئلة.. نرجو ونأمل أن يتسع صدره ويحل العقدة من لسانه حتى نفقه قوله أو نخرج من مكتبه الوثير بخفي حنين.. السؤال الأول.. يقول بعضكم من قيادات المؤتمر الوطني.. حمائم كانوا أو صقوراً جوارح، إن عضوية حزبكم المخيف.. حسب وصف السيد رئيس الجمهورية.. يقول أحدهم إن عضوية حزبكم ستة ملايين مواطن ومواطنة.. ويقول آخر إن عضوية حزبكم ثمانية ملايين مواطن ومواطنة، وتقول أنت شخصياً إن عضوية حزبكم هي عشرة ملايين مواطن ومواطنة «ما شاء الله تبارك الله واللهم زد وبارك».. «يعني» لو ربنا مدّ في أيامكم وكفاكم الله شر الزلازل والمتغيرات ومفارقة جنان ورياض الحكم لمدة خمس سنوات أخرى، يكون القطر كل قاطنيه مؤتمر وطني «إلا أنا».. نعود إلى عضويتكم المليونية.. ونسأل.. هل أبواب حزبكم مشرعة لكل «طارق أي زاير» لكل راغب في أن يتحصل على بطاقة عضوية حزبكم الغالية والتي هي حقاً وصدقاً أشد خطراً وأكثر خطورة من «مصباح علاء الدين»، بطاقة تفتح كل باب موصد لا تقتصر أفعالها ومفعولها على الدخول إلى المستشفيات فقط، بل بطاقة لا يصمد أمامها أي باب أي ترباس.. أي رتاج.. بالمناسبة هل لديكم شروط وقيود وتحري واختبار وامتحان وبحث وتنقيب و«مراقبة» لكل طالب «القرب من حزبكم».. والطامع أو الطامح لحيازة تلك البطاقة التي تنقلك مباشرة من القرف إلى الترف؟ ولك أن تسألني «من وين جبت الكلام ده» لأقول في ثقة لا يزعزعها ظن ويقين لا يخلخه شك إن أبواب حزبكم مشرعة لأي مواطن ومواطنة بل أنتم تفرحون وتسعدون بكل منضم إلى حزبكم الكبير.. فقد كان سلفك الدكتور نافع- وفي أيام وسنوات مضت- يعلق «يوماتي» أن قبيلة كذا قد انضمت عن بكرة أبيها للمؤتمر الوطني.. وأن قرية كذا قد انضمت وبايعت المؤتمر الوطني بكامل عدها وعديدها.. وقبل أن أذهب إلى السؤال الثاني دعني أهمس في اذنك عن أحزاب أخرى في الكوكب وكيف يتحصل الناس على بطاقة عضويتها.. مثلاً.. عندما كان الاتحاد السوفيتي العظيم في كامل بنيانه ومنيع أركانه، وقبل أن يحلحل صواميله الفولاذية المرتد «جورباتشوف» كانت بطاقة عضويته والحصول عليها تندرج تحت بند المعجزات.. لا تفتح أبوابه لكل من قدم طلباً بل إن الحصول على بطاقة عضوية الحزب الشيوعي دونها بيداً دونها بيد.. يعني يمكن أن تحصل على منجم ذهب أو بئر نفط ولا تطول بطاقة ذاك الحزب العتيد.. وهل أحدثك عن القيود والاختبارات والتكليف بالمهام المستحيلة في فترة الترشيح، وتلك المراقبة القاسية والرصد الدقيق والانتظار بالسنوات واجتياز الامتحانات والاختبارات عندها يمكن- إن نجحت- أن تتحصل على تلك البطاقة.. أسقط الرفاق كل تلك الشروط وصارت بطاقة عضوية الحزب الشيوعي السوفيتي «مجدوعة» في قارعة الطريق لكل راغب، ولكن فقط بشرط واحد كان ذلك عندما حاصر النازي «ستالينفراد» هنا قررت القيادة منح البطاقة لكل راغب ومعها «بندقية» شريطة أن تذهب مقاتلاً في «الجبهة»، وكان الذهاب إلى الجبهة أشبه بتذكرة بلا عودة، لأن الراجح هو أن تُقتل وارتضى الكثيرون ذاك الشرط الرهيب بل قال بعضهم رائع أن أموت مقتولاً ولكن في «جيبي» تلك البطاقة الغالية. الأحد نتلاقى