في الآونة الأخيرة ظهرت حالات الغش في السلع التي لها ارتباط مباشر بالمواطنين تعبئة وضبطاً.. سلع فاسدة ودجاج نافق، ولحوم كيري وغيرها.. ولم تنجُ زيوت المحركات والنقل من الغش التجاري، وذلك باستيراد زيوت محركات غير مطابقة للمواصفات والمقاييس، وحذرت وزارة النفط من الزيوت وتأثيرها على أرواح المواطنين وأموالهم، في الوقت الذي اقرت فيه بوجود حالات غش فيها، والتي تكون غير مطابقة للمواصفات والمقاييس، وتعجز الوزارة في مراقبة الغش في المصانع العاملة في مجال الزيوت أو تحديد حجم المشكلة.. مشددة بضرورة اجراء مسح احصائي لتحديد مصادر الغش، فيما عزا خبير في الاقتصاد حالات الغش الى عدم فاعلية الرقابة، وتضارب الاختصاصات بين الأجهزة المعنية بالتأكد من صلاحية ما هو مستورد، سواء في زيوت المحركات أو غيرها. وقال الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك إن على الهيئات المسؤولة عن الرقابة أن تكون لديها صفة سيادية واستقلالية، وضرورة تأكيد استقلاليتها في الدستور والقوانين، وأن أي شخصية نافذة يمكن أن تتخطاها.. وأضاف أن هذه الظاهرة تسود في معظم الاقتصادات النامية التي تمر بمرحلة انتقال، وأن كثيراً من النافذين يعملون على تخطي اللوائح والقوانين التي تحكم تلك الرقابة على السلع، وبالتالي تصبح مؤسسات الدولة نفسها في خدمة المصالح الاقتصادية الشخصية دون الاعتبار على المصلحة الاقتصادية الوطنية.. وأرجع الجاك حالات الزيوت المغشوشة وعدم صلاحية الأدوية وضبط مواد غذائية فاسدة الى عدم فاعلية قوانين الرقابة والمواصفات بالتأكد من صلاحية ماهو مستورد، مما يؤثر على الناحية الاقتصادية من حيث التصميم الهندسي لوسائل المواصلات التي تستخدم هذه الزيوت، ويقلل من عمرها الافتراضي بجانب إحداث عطب لبعض الأجهزة والتأثير على بعض اجزاء الناقل، مما يمثل تكلفة إضافية بالنسبة لمالك وسيلة النقل، وقد ينعكس ذلك على تعرفة المواصلات نفسها بالنسبة للمواطن، فكلما زادت تكلفة خدمة النقل زادت أسعار وتعرفة النقل، فمثلاً هذا النوع من الزيوت قد يكون أحد آثاره احتياج العربات الى اسبيرات بصورة متكررة، ليس كما في الظروف العادية.. أضف الى ذلك تكلفة إدارة الوسيلة للنقل، وبالتالي ينعكس على الأسعار أما على مستوى الاقتصاد القومي قال الجاك إن هذه الناقلات يتناقص عمرها الافتراضي وقد تدفع بالدولة الى استيراد وحدات أكثر من وسائل النقل في فترات قصيرة، مما ينهك الحصيلة النقدية للبلاد من العملات الصعبة، نتيجة لاستخدام هذه الزيوت المغشوشة، ويكون المواطن أكثر عرضة للحوادث المرورية، وتفقد البلاد بعض الأرواح، وأضاف أن وجود تضارب بين الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس وهيئة الموانيء البحرية ليس محور القضية، لأن الجهات المسؤولة عن المواصفات لابد أن تكون لديها استقلالية وصفة سيادية، تستطيع بها املاء ذلك الى جهة، ويمكن في هذه الحالة أن لا تتيح لاي شخصية نافذة أو لديها حصانة أن تتخطى اللوائح والقوانين، أضف الى ذلك أن هيئة الموانيء البحرية تمثل المواصفات والمقاييس، ولكن ليس لها من الحماية والصفة الدستورية التي تمنع من دخول الزيوت المغشوشة، وأن نفس الحديث ينطبق على هيئة المواصفات والمقاييس التي يجب أن تكون لها الصفة من حجز الى سلع مغشوشة، وعدم تخطي اي جهة قرارها، وفي حالة تتدخل جهات في الرقابة تفقد الرقابة فاعليتها، والتي لا بد أن تكون جهة واحدة.. مشيراً الى هيئة النقل الميكانيكي في السابق التي تم الغاؤها بعدم سماحها لاي منتج من الزيوت بالدخول دون المواصفات والمقاييس.. بعد الغائها حدثت هذه في استيراد العربات بصورة كبيرة، ويمكن لاي شخص أن يستورد اي من الناقلات، مما كانت لديه انعكاسات وتساءل المدير السابق للهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس والضبط بالجمعية السودانية لحماية المستهلك د. ابراهيم محمد أحمد عن علاقة هيئة الموانيء البحرية بسلع الوارد وقال: ليست لديها اي علاقة إطلاقاً أو تتدخل في عمل هيئة المواصفات والمقاييس التي لديها حق الاشراف بالقانون على سلع الصادر والوارد بالموانيء البحرية أو المطارات، وأنه ليس من المفترض ادخال زيوت غير مطابقة للمواصفات إطلاقاً للسودان، وإذا ثبت مثل هذه الحالات يجب التحقيق مع الشخص المسؤول عن المواصفات ويتناول المشكلة بالجدية الكاملة.. مشيراً الى مشكلة التهريب وتخزين السلع.. وقال لكن الزيوت لا يحدث لها تلف بسرعة شديدة وبصورة كبيرة مثل السلع الأخرى، وأن على هيئة الموانيء البحرية استيراد السلع فقط وهيئة الجمارك أخذ الرسوم، واختصاص الهيئة السودانية للمواصفات التأكد من مطابقة المواصفات، وفي حالة حدوث ذلك لا تكون في مراكز القوة فقط، مؤكداً الآثار السالبة للزيوت المغشوشة في تدمير ماكينات العربات، والشاحنات، والطائرات، وعربات النقل، وغيرها.. مما يسبب لها حريقاً أو وقوفاً مفاجئاً، وأن يذلك يعتبر نوعاً من أنواع الفساد، مؤكداً أن تحضير اي ماكينة عربة تكون تكلفتها حوالي 51 مليون تقريباً.