إنه الجبيل المعتق شرقي مدينة (النهود) العامرة التاريخية بغرب كردفان.. ولا ينسى التاريخ رائعة (المحجوب) حين عبروا وفداً رئاسياً من الخرطوم بضاحية (الخوي) العريقة وقد تأخر بها بعضهم لقضاء شيء من المهام.. فقال الأديب الأريب الشاعر الوزير (محمد أحمد محجوب).. وكان يتقدمهم يومها الزعيم (إسماعيل الأزهري).. قال المحجوب: الناس مرقدها النهود ٭ وأنت مرقدك الخوي لو علمت ما نحن فيه ٭ لطويت الأرض طي والتاريخ يشهد لهذه الحاضرة الرؤوم (النهود) إذ تلتقي عندها كل الأعراق بأريحية وحيوية وعرف تليد.. ومن هنا أفردت مظلتها حين علمت رموزها أن بعضاً من بطون أهلهم (المسيرية) قد نفذ بينهم الشيطان فأردوا بعضاً قتلى وجرحى ومزقهم بعد أن كانوا لحُمة وشجرة وارفة.. حتى قال بعضهم.. أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي.. أي أدفنه في التراب بعد أن نزغ الشيطان بيننا فقتلته.. فكان من النادمين والأنكى وأمر من ذلك أن هاتين الفئتين قد أصلح بينهما الشهيد (الزبير محمد صالح) في مستهل (التسعينيات) برعاية أهلهم الرزيقات بمدينة الضعين شرق دارفور.. ولم يزل الشيطان يمرح بينهم ليجد ضالته مرة أخرى.. في منتصف هذا العام (4102) ثم تتلاحق الكوارث بينهم.. وقد شدَّ الأمر كل الناس فتحرك اليوم (القصر الجمهوري) ايضاً كما تحرك قبل عشرين عاماً.. بقيادة نائب رئيس الجمهورية (حسبو عبد الرحمن) نحو مدينة النهود على دعوة وضيافة قائد الأمراء (عبد القادر منعم منصور).. ذلك لأن عرف الإصلاح بين الطوائف المتقاتلة إرث متداول.. ولكن لابد أن يكون سريعاً ونافذاً (... وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين..). فالتقت القيادات الحادبة.. وكذلك (الطرفان) في يوم السبت (51/نوفمبر/4102) وبينهم حكماء أمثال النافذ الأمير (أحمد السماني) زعيم تلس بدارفور.. والأمير.. (مختار بابو) مرجعية القوم في العرف والتقاليد.. وإدارات محلية حريصة.. ثم فصحاء ونجباء الملتقيات فكان جبيل (حيدوب) يسجل ويرصد ما يقولون.. ومعلوم أن الطائفتين قد لحق بهما الاذى والخراب وسوء الإستقرار.. وأكثر الناس الحضور والمراقبين حرصاً على رتق الفتق من أرواح وجرحى وخسائر أخرى.. واكتئاب وتعكير لصفاء الأنفس وتحسباً.. هما الأميران (حامدين) و (القوني).. أما السلطات الولائية والمحلية فهما أمام الله سؤالاً وإيقافاً.. لأن هذه (عثرة) كأداء.. وجرح غائر عميق.. ومع ذلك كله (تعانق) الأميران (القوني.. وحامدين) حين توصلت المنابر بالنهود للصلح.. والجميع يقول (.. وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت..).. كما تركز الآية الكريمة.. وسرعان ما ردد مراقبون ما نردده تكراراً: من رعى غنماً في أرض مسبعة ٭ ونام عنها تولى رعيها الأسد وذلك حينما انفض القوم بعد (4) أيام وغادروا النهود بعد اربعاء (91/11/4102) وبعد ذلك (بثلاثة) ايام فقط أي في السبت (22/11/4102) انفجرت الاحقاد مرة أخرى بين ذات الطرفين شمالي هجليج.. وزهقت عشرات الأرواح والجرحى.. فأياً كان السبب فلا ينبغي أن يهدأ للدولة طرف.. حتى تلاحق المعتدي من أيهما كان.. أما إن كان الاثنان.. فيعاقبان لأن الله لا يحب المعتدين.. وبخاصة أن هذه الجزئية الجغرافية والإثنية من أرض السودان تراقبها وتتربص بها أطماع ودوائر أخرى قريبة وبعيدة.. وأن هذه المثلثات هي المنابع الكبرى لبترول السودان و (الاثينول) والثروات المتعددة الأخرى أيضاً.. وأعماق وأغوار ورهود المياه الحاضرة والمدخرة.. فإن فقد الوطن هذه السواعد والقوة الحارسة والمواجهة للمتربصين هنا تكون قد ضعفت خبراته ومصداته.. وقد حرصنا كثيراً على نشر الوعي واستنكار سفك الدماء وسحق الأرواح.. وحرصنا كذلك على انشاء مدن وقرى آمنة.. ومراكز لحلقات العلم والقرآن ولكم وقف معنا الأخ (حسبو عبد الرحمن) نائب رئيس الجمهورية والأخت (مشاعر الدولب) وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي والأخ بروفيسور (مأمون حميدة) رغم انه وزير معني بولاية الخرطوم.. وآخرون نتواصل معهم في بذر الثمرات.. وقد عادت القوافل في نفراتها (الثلاث) بملاحظات إيجابية مرصودة بأن هؤلاء القوم يتميزون بروح صاغية وباهتمام بالغ ويستمعون للوعظ والقرآن.. ولهم هم (أي البدو والرحل) لهم فطرة وفطنة وذكاء.. ومن هنا نقول (لأربعة) هم (أولاً) الدولة بمفاصلها الجغرافية والهيكلية (ثانياً) أهل الريادة والرأي والراجحون لقومهم ومواقعهم من الخرطوم وغيرها (ثالثاً) المراقبون والعارفون من البطون المحلية الأخرى (رابعاً) فصيل تنفيذ المقررات والتوصيات والقياس بالزمن المحدد.. نقول لهؤلاء الأربعة.. إن الله سيسألكم ويجزيكم خيراً بالوفاء.. وعقاباً- أياً كان- إن تراخت عزائمكم.. والحياة لا تتوقف إلا عند ميقاتها.. والسودان ذو أركان عديدة. . والله أكبر..