صاحبي الصحافي الخليجي المهتم بالشؤون الإفريقية استفزني بلؤم منقطع النظير وقال في لهجة لا تخلو من التهكم انه كلما ضغط على الرموت كنترول وعبرت أمام عينيه محطة فضائية سودانية يجد الجماعة حسب قولة يطبلون ويزعقون وصفق صاحبي اللئيم بيديه وبرطم بكلمات غير مفهومة ، قلت لصاحبي ، الله يخرب بيت إبليسك يا لئيم ، مستكثر الفرح علينا ، إيه ده ، الرجل واصل حديثه وسألني فيما اذا كنا نحن شعب طروب نحب المغني ونداري أحزاننا بالغناء ، بعد الاستعانة بالله حاولت إفحام صاحبي بدون فائدة وقلت له أننا شعب نداري همومنا بالفرح وكوكب الشرق أم كلثوم تقول في إحدى أغانيها ( المغنى حياة الروح ) ، عفوا قصة الطرب السوداني في الفضائيات ليس موضوعنا اليوم وانما المسألة تتعلق باستيقاظ بعض المغنواتية وأنصاف الشعراء من نومت أهل الكهف وأعلنوا النفير وبدوا في تدبيج القصائد وسننوا حناجرهم للغناء من اجل وحدة الوطن بعد ان أصبح الجنوب قاب قوسين أو أدنى من الانفصال ، طيب يا ناس حلو كتير جدا ، تعالوا نحسب المسألة بعقلانية ، لو افترضنا مثلا ان الشاعر تعيس بن تعسان والفنان فطيس ابو الكديس وقفوا يلعلعون بأصواتهم الما خمج من الصباح حتى البكور من أجل تهدئة الأوضاع ووحدة الوطن هل يمكن ان يجدي الزعيق والخطب الحماسية ؟ ، يبدو ان هوجة الشعراء والمغنواتية في السودان سيتواصل مدها حتى آخر قطرة من الوطن المفصول وحينما يذهب الجنوب إلى حال سبيله اقترح لملمة القصائد والأغاني الخاصة بنفير الوحدة ووضعها في متحف في أرض محايدة بين الجنوب والشمال حتى تعرف الأجيال القادمة ان مغنواتية وشعراء ( زمان ) حاولوا سمكرة شقي الوطن بدون فائدة ، على فكرة هوجة فناني وشعراء المناسبات يذكرني ببرامج المسابقات الماسخة لاختيار أفضل المغنواتية والشعراء في المحطات الفضائية السودانية وسوف تتواصل هذه البرامج التي لا تغني ولا تسمن من جوع ونسمع في الغد بمسابقة تيوس الشعراء ومهرجان جواميس الفنانين ، المهم بدلا من الغناء الذي لا يودي ولا يجيب ماذا لو تم الإعلان عن مسابقات للموهوبين في الابتكارات الجديدة في السودان ، اعرف تماما ان بعض الحمقى سيفتحون النار على العبد لله ويتهمونه بالهرطقة والكلام الخارم بارم ، لكن لان دمي ابرد من صقيع سيبريا سوف أتصدى لمثل هذه الاتهامات ، ايوه سوف أتصدى لها، خصوصا ان مسابقات المغنواتية حتى الآن لم تسفر عن اسم سيكون له صدى في دنيا الابداع وطالما ان الأمر كذلك علينا الاهتمام بالموهوبين في مجالات اخرى ، ونفسي ومنى عيني أشوف ابتكار سوداني من بيت الكلاوي لا يشبه سيناريوهات انفصال الجنوب، ابتكار نفاخر به بين الأمم ومش ابتكار مخزي يجعلنا مفصولين شمال وجنوب ، وتجي بدرى يا مين أنت أوعى تتأخر قبل الانفصال .