عندما نتحدث أو نخطط لاحداث تغيير في الأشياء المادية، فإن ذلك التغيير يظهر بمجرد الانتهاء منه، ولكن عندما نسعى أو نخطط لتغيير نمط اجتماعي فإن مردوده لا يظهر بسهولة، ويصعب حساب درجته، فالأشياء المعنوية تحتاج لزمن طويل ومجهود ضخم، ولن اطيل عليكم، فالدنيا عيد وسأقول لكم ما أقصده فأنا أقصد أن ما قامت به ولاية الخرطوم من احتفالات تزامنت مع رأس السنة كان له مردوده السريع وأنه أسرع تحول يمكن أن يحدث في تاريخ التغيير الاجتماعي، وقد ظللت اتابع طيلة الأيام الماضية تأثير تلك الاحتفالات التي أقيمت في كل أنحاء الولاية، وتواصلت لليوم الثاني، وكنت أسأل الشريحة المستهدفة في نظري وهي ناس أواخر التأشرات واوائل العشرينات وكأن غالبيتهم يقولون إنهم احتفلوا بعيد الاستقلال، والمهم أن الغالبية استطاعت أن تفك الارتباط بين راس السنة وبين عيد الاستقلال، وهذا كان يحتاج لزمن طويل ومجهود كبير، وأعتقد أن ما حدث إذا تكرر واتسعت رقعته فسيحدث التغيير الحقيقي الذي ننشده، ولن أعود لتكرار ماكتبته وظللت أكتبه لعدة أعوام.. فالتحية لولاية الخرطوم وهي تفك الارتباط بسهولة ويسر، وفي ما يلي بعض ما كتبته في مقال سابق عن الموضوع .. (قبل عدة أعوام كتبت في هذه الزاوية قضية اعتقد أنها مهمة وأنها لابد أن توضع في الحسبان، وأعتقد أن فصولها بدأت مع الأجيال التي تعيش الآن عقدها الثالث وبعض الرابع، فبعضهم يعتقد جازماً أن عطلة يوم 1/1 تمنح بسبب راس السنة الميلادية، وأن الحكومة قررتها لان شعبها (تعب وسهر طوال الليل) في احتفالات راس السنة التي تتمدد مظاهر الاحتفال بها وتتنوع في كل عام، ويتكسب من ورائها الكثيرين كما أن الكثيرين يخرجون عن المألوف.. وقد لفتت نظري النقاشات والتحضيرات للاحتفال ووضع الخطوط العريضة له.. كل ذلك يتم والاستقلال ليس طرفاً وظني أن ذلك يعود لأسباب كثيرة أولها أننا لم نحتفل باستقلال بلادنا احتفالاً شعبياً يليق بالمناسبة، ولم نحكي لهذه الأجيال مجاهدات أجدادهم حتى وصلوا لهذه المرحلة.. حتى السياسيين والأحزاب التي كان لها إسهاماً في طرد الأجنبي، لم تثقف قواعدها الشاب ولم تنزل لهم بل جلست في ابراجها التي تحجب عنها الرؤية للأحداث من حولها، واستكانت لدور المعارض المشاكس غير الذكي الذي يصب جهده في خانة السالب .. كما أن أجهزتنا الإعلامية ظلت تعرض أفلاماً مكررة ولا تعطي الأجيال الجيدة القالب المناسب الذي يجذبها للمشاهدة).