٭ العبارة التي اتخذناها عنواناً.. لم تصدر عن الدكتور نافع علي نافع، وإن كانت تندرج في إطار قاموسه الدارج.. من نوع «ألحس كوعك».. و«الدايرنا يلاقينا بره في الميدان».. وان المعارضين «سندفنهم في المقابر».. العبارة صادرة- مع «اخواتها» على غير العادة- من الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الولاية متوعداً ومهدداً بعض فقراء شعبه الذين دفع بهم التردي الذي دمر ريف السودان إلى النزوح الاجباري نحو العاصمة علهم يحفظون حياتهم ويعولون ويحمون اسرهم من شرور وغوائل الزمن حتى يجعل الله لهم مخرجاً. ٭ مناسبة الكلام.. كلام الوالي وعباراته الغليظة هو خطابه الموجه للمواطنين بمنطقة «السمرة» شرق النيل، والذي نشرته هذه الصحيفة على صفحتها الثالثة صباح الأحد.. ولانه لا يشبه ما عهده الناس من الوالي الخضر في مناسبات وخطابات سابقة.. فقد أثار دهشة، بل وغضب بعض المواطنين، الذين هاتفونا مستنكرين التهديد والوعيد لهؤلاء البسطاء الذين هم ضحايا الفقر وضحايا من يغررون بهم من «أعضاء اللجان الشعبية» المتاجرين في الاراضي.. وما ادراك من هم اعضاء «اللجان الشعبية».. لمن يتبعون؟.. ومن اين يستمدون قوتهم وجرأتهم على تجاوز القانون والتصرف في الاراضي حيازة أو بيعاً وشراء؟!.. ٭ لابد أن «الوالي» الخضر يعلم من هم هؤلاء.. لذلك لم يجد حرجاً في الإشارة إليهم بصفتهم و «نِعَتِهم» المعلومة واتهمهم صراحة ب«الترويج للسكن العشوائي» وقال: «ليس للجان الشعبية الحق في بيع الأراضي حيازة».. يقول الوالي ذلك وكأن اللجان الشعبية ليس تلك التي يعلمها الناس.. كجزء لا يتجزأ من قواعد الحزب الحاكم.. تمثل امتداداته وسط السكان والمواطنين الطبيعيين.. بل و تقوم بتكاليف أخرى أهم من بيع الأراضي معلومة لدى الكافة، أقلها انها هي التي تصدر شهادات السكن والمواطنة وتنظم الاحتفالات وترتب الانتخابات، وما خفى أعظم. ٭ لم يكتفِ السيد الوالي بتهديد المواطنين.. وتوعدهم بأنه من حاز قطعة أرض بدون شهادة بحث «الله قال بي قولوا»!!.. بل ذهب أبعد من ذلك لنفي استحواذ الحزب الحاكم على السلطة والثروة في البلاد، وأبدى انزعاجه- كما يقول خبر (آخر لحظة)- «من محاولات تصوير المشروعات التنموية بأنها خاصة بالمؤتمر الوطني».. وكأن هناك من قال بذلك «صراحة» في ذات اليوم وتكفّل الوالي بالرد عليه.. ٭ وفي الوقت الذي أكد فيه الوالي بأن تلك المشروعات ملك للجميع، إلا أنه اردف بعبارات لن تجد التصديق من ابسط الناس عندما قال انهم «لا يريدون حزبية» وكأنه ليس رئيس «حزب المؤتمر الوطني بالخرطوم» ولا يريدون «قبلية».. ونسأله ما هذه «البيعات» التي تنظمها «القبائل» كلما توجه مسؤول مركزي كبير إلى بوادي السودان وأريافه يتصدرهم نظارهم وشيوخهم في تظاهرات حاشدة على ظهور الخيل والجمال هاتفين مهللين مبايعين باسم القبيلة؟! ٭ واختتم الوالي خطابه «الصريح» بأنهم هم «أهل السودان، أهل البلد دي ساسا وراسا»!.. وليس لدينا من سؤال عمن يكون اولئك «الآخرين» المعنيين بأنهم ليسوا من اهل البلد وعليهم ان يخضعوا ويطأطئوا الهامات امام «أهل الساس والراس» أو كما قال.. فالمعنى في «بطن الشاعر»- أو الوالي كما يقولون! ٭ أما نحن فندعو سيادة الوالي للعودة لنهجه وخطابه القديم في مواجهة جماهير العاصمة، حيث وعي الناس اكبر وملاحظاتهم على ما يصدر عن المسؤولين أكثر دقة وحساسية.. فلم يلحق الرفق والحلم بشيء الا زانه، ولم يخالط ماسخ القول وعنيفه خطاباً إلا شانه.