كنا ومازلنا في تداولنا للكلمات والألفاظ اللغوية العربية كسودانيين.. تنتشر بيننا كثير من الأخطاء ربما مقصودة أم غير ذلك، ويتم استعمال كلمات في غير مواضعها، ودون قصد ووعي بالمعنى المراد.. ولكن هذا شأن اللهجات العامية والدارجة في كل المجتمعات والشعوب.. ولعل اللغة العربية (الدارجة) متباينة من دولة لأخرى، ولكن يبقى المهم للغاية هو أنه عندما يتعلق الأمر بالتوثيق علينا أن ندقق حتى لايكون هناك مجال للتأويل والتفسير الخاطئ، خاصة إذا تم التعامل مع كلمات دونما التأكد من معانيها. ما ساقني لهذا الحديث هو ذلك الاتهام الذي وجهه القيادي بالحركة الشعبية (جناح السلام)، ذلك الحزب الوليد والمنضم حديثاً لقائمة الأحزاب السودانية.. ونسأل الله لهم التوفيق في بلوغ تطلعاتهم لما يفيد البلاد والعباد. قال (عرديب) لآخر لحظة أن وزير الدولة بوزارة الشباب والرياضة لم يتوخ الدقة في المعلومات، بحسبان أنه تحدث في حوار اجريناه معه كسكرتير عام لحزب الحركة الشعبية (تيار السلام) وامتعض عرديب باستعمال مصطلح تيار السلام لأنه أصبح ملكاً لحزبه.. مشيراً الى أنه سيضطر في المستقبل لاتخاذ اجراءات قانونية ضده. وبما أنني أجريت هذا الحوار، فلقد سألت الوزير هل أنتم الحركة الشعبية تيار السلام؟ ورد لي بالحرف قائلاً:«نحن مسجلين حزب الحركة الشعبية ولكن وسائل الإعلام سيما الصحافة ظلت تطلق علينا هذا المصطلح(تيار السلام) باعتبار أننا آثرنا السلام على الحرب، وتعاملنا معه عملياً وأسسنا هذا الحزب ومن هذا المنطلق قمت بإضافة (تيار السلام) لقناعتي بأن الأمر ليس فيه مايثير الجدل. وبما أن السيد (عرديب) أسس حزباً سماه الحركة الشعبية جناح السلام، فإن عليه التدقيق في المعلومات، حيث أن هناك فرقاً بين (جناح وتيار).. ولعلي ارد عليه من خلال تدقيقي ومراجعتي لقاموسي الخاص وهو مختار الصحاح.. قاموس الحبيب للشيخ الإمام محمد بن ابي بكر بن عبدالقادر الرازي.. مكتبة لبنان، في الصفحة رقم(70) جاءت كلمة (التيار) تعني (الموج) وفعل ذلك (تارة) بعد(تارة) أي مرة بعد مرة جمع (تارات(، (تير) كعنب ربما قالوا فعله (تارة) بعد تاره بحرف الهاء. في الصفحة رقم(99) ورد ما يلي (جناح الطائر يده وجمعه أجنحه).. إذن الأمر واضحاً وليس هنالك ما يدعو الأخ الكريم عرديب (للتشنج) طالما أنه اختار كلمة (جناح) وليس (تيار) وعلى الرغم من أن القاعدة اللغوية الشهيرة تنص على أن الخطأ الشائع أفضل من الصواب المهجور، إلا أن ذلك لا يعني أن نتعامل بدقة في مثل هذه المسائل حتى لا نقع في اخطاء. ومن خلال إدراكنا الواقعي لهذه الأمور في تقديرنا أن العبرة ليست في الاختلاف في استعمال الكلمات والمصطلحات والألفاظ بقدر ما أن المهمه الانخراط في العمل السياسي لدفع مسيرة السلام والتنمية، سواء كان ذلك على مستوى تلك الولاية المنكوية الآن بنيران التمرد، أم السودان قاطبة والذي في حاجة ماسة لسواعد أبنائه الخيرين.. ولعل كلمة(جناح) في حد ذاتها قديمة واستعملها حزب الأمة، وكنا نسمع منذ الصغر بحزب الأمة جناح الهادي، وحزب الأمة جناح الصادق، وهناك (جلابية) تسمى (جناح أم جكو). أما (التيار) لعلها الأكثر استعمالاً في العراق وخاصة وسط الأحزاب الشيعية بعد انهيار نظام الرئيس صدام حسين ظهرت عدة تيارات شيعية كأحزاب وقوى سياسية وأشهرها التيار الصدري.. ما يهمنا هو أن يبقى ويظل تيار السلام، ذلك الموج الذي يجرف المتربصين بأمن الوطن. ومابين جناح وتيار سيظل كل منا يحيى عرديب داعماً لمسيرة السلام وهيمان لمصلحة الوطن، وتبقى الإرادة والعزيمة هي ذلك الترياق الذي يعافي الآلام من ويلات التمرد.. وأنا لا أملك سوى الرجاء والتمني. عزيزي عرديب : دع عنك اللوم فإن اللوم إغراء.