هو عندي «منعموف «، لا أكثر ولا أقل ، والسبب مجهول، والسؤال عنه استطراد شعراء ، «والشعراء يتبعهم الغاوون»..! إسمه على ألسنة النّاس منعم رحمه. لا أعتقد أن في الأمر شهادة ميلاد. إنّها التسنين، مثل غالبية مجاييله..أغلب الظنّ أن «منعموف»، وُلِد في «قفا البحر» ، قبل العدوان الثُّلاثي على مصر..! وفي حكم المؤكد، أنّ مولده قدّروه تقديرا.. مُلاحِظ الشّفخانة، لا الدّاية، هو الذي فعل ذلك، وقال أن مولده كان في واحد، واحد سنة ستة وخمسين.. و لا تتوقف كثيراً عند صرخته الأولى في «قفا البحر»، فالسيد المسيح عليه السّلام، وُلِد في «مِزْوّد البقر»..! عبد المنعم محمد رحمة الله، هذا هو اسمه الأصلي، وفقا لأوراقه الثبوتية، و خروف السماية..لكن هذا الإسم ظل مهجوراً و حبيس تلك الأضابير سنين عددا. ففى الحياة، « لا حياة لِمن تُنادي»، بهذا الإسم ثلاثي الأبعاد ، بعد أن تفنّن معاصريه فى إختصاره، أو تغييره، بحسب طول النَفَسْ، و نوع العلاقة مع صاحبه..! فهو مرة، عبد المنعم رحمه الله، و أخرى «منعم رحمه الله «، و ثالثة « منعم رحمة «،و رابعة «نعوم»..! ولا شأن لنا بضروب التدليل، التي ربما يكون «نعوم» قد حُظي بها، في ذات ليلٍ أغلَف ، في غفلةٍ من العيون..! جدته لأبيه، وهي التى افترعت عليه الدلال، كانت قد نهجت نهجا آخر،و اختارت طريقا جديدا، فكانت تناديه ب «أزرق بندا». و على هديها سارت بنت عمه، التى اراحت واستراحت، فأطلقت عليه مباشرة إسم «العبِدْ»، اذ كان و ما زال داكن البشرة ، مقارنة بالبيض الميامين، أصل أرومته، وأصل البلاء فى «جمهورية الخرتيت»..! كنّا قد هديناه السبيل، و حدّثناه، بأن لون البشرة مقدور في عهد تغيير الفِراء. دعوناه إلى الإيمان بمأثرة المشروع الحضاري هذه ، لكنه أبى..! و قال، «أبدِين ستّين»، لونو كِدا عاجبو، فتركناه وشأنه، بعد أن قلنا له: « كنّا دايرنّك تستفيد»..! هو في شخصه، ينادي روحه ب «أخو التّومات». وعندما جاءت سنوات الأدغال، كان أول شاعر يدخل الغابة..! في أول جولة له مع القائد مالك عقار، خاطب عقار جنود الجيش الشعبي قائلا : «إن معركتنا ليست ضد الجلّابة، و لكن ضد القهر و الظلم الذى يمارسونه. و مضى عقار في تنويره العنيف قائلاً :» إذا كانت معركتنا ضد الجلابة كجنس، فلنبدأ القصاص ب «منعم رحمة دا»..! و جذبه عقار جذبة الي جواره، كادت أن تُجهز عليه..هنا صاح الغُبُش، و بقلب واحد : « لا . . لا . . ده جلابة بتاعنا»..! و من يومها، و إلى هذا الحين ، صار «الجلابي» بتاعهم .. صار إسمه «منعم جلابة» ،أو صار «جلابة» لوحدها، وهو الإسم الذي دخل بموجبه الى سجن الجبهجية بعد الكتمة، وخرج منه تائباً.. تائباً من التبغ..! فالجبهجي أحياناً له نفع ، «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم»..! أما في حِلّة موسى، وقبل أن يعرِف «جلّابة» دروب العشق و السّفر، كانت الحصاحيصا تناديه ب « السّنيح»..! وهو الأسم، الذي أطلقه عليه صديقه هاشم كرار، ووسَمه به، رغماً عن الأزبليطات التي شغلها في نشوقه. هذا الإسم السّنيح هو ما بقِي لجلّابة من «شفتنة «مدني الثانوية، ،عندما كان في ذلك الزّمان السّرمد، «أشقى من رأس الوِتِد»..! يمّمَ جلّابه وجهه شطر الغربة..هناك حصد جائزة عالمية في مجال الإبداع الكتابي.. لكن كيف هو حال الحنين في الليالي..كيف حاله، مع قطار الشوق..؟