سخونة الأجواء داخل حزب الأغلبية كما يحلو لمنسوبيه تسميته على خلفية الأحداث الأخيرة، تطورت بشكل لافت داخل الحزب الاتحادي الأصل، إثر مغادرة نجل الميرغني «محمد الحسن» على نحو مفاجئ إلى العاصمة المصرية القاهرة، ما أحدث تطورات جديدة شغلت الساحة السياسية منذ أمس الأول وأمس، خاصة وان الاتحادي الديمقراطي الأصل التي لم تختفِ أخباره من صفحات الصحف طيلة الفترة الماضية وظل حاضراً. غبار كثيف ما أثار الغبار الكثيف حول الأمر هو المغادرة التي وصفها البعض بالمفاجئة لرئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بالإنابة، محمد الحسن الميرغني، للخرطوم فجر أول أمس عبر الخطوط الجوية المصرية، متوجهاً إلى القاهرة في مهمة خاصة تتعلق بالحزب، قال مقربون من الحسن إن الغرض منها هو لقاء شقيقه جعفر الصادق الذي يشغل منصب مساعد رئيس الجمهورية، لكن يبدو وبحسب مراقبين، أن زيارة الرجل التي أحيطت بسياج من السرية والكتمان والتي استدعت قطع الرجل لمتابعاته سير العملية الانتخابية التي تجري حالياً و يخوضها حزبه في كل الدوائر عدا رئاسة الجمهورية، ضرورية وملحة لحسم كثير من القضايا المتعلقة بالحزب. الحزب الاتحادي الأصل عاش خلال الفترة القليلة الماضية أزمات تنظيمية بداخله جعلت الأوضاع تتفجر حينما أعلنت قيادات بارزة بالحزب رفضها للمشاركة في الانتخابات الحالية في ظل غياب رئيس الحزب ومرشد الطائفة الختمية مولانا محمد عثمان الميرغني بلندن، غير أن أمر مشاركة الحزب في الانتخابات حسمها نجل الميرغني «الحسن» في اجتماع مغلق مع رئيس المؤتمر الوطني المشير عمر البشير قبل انطلاقة الانتخابات بالمركز العام للحزب الحاكم، ناقشا فيه مشاركة الأصل في الانتخابات والتنسيق بينهما، وكذلك الشراكة في الحكومة، الأمر الذي أثار حفيظة قيادات بالحزب ودفعهم لرفض قرار الحزب بالمشاركة في الانتخابات، غير أن نجل الميرغني استل سيف«الفصل» الذي بتر به رافضي المشاركة في الانتخابات من قيادات حزبه، وصارت ساحات الصحف منبراً لحرب ضروس تبادل من خلالها الطرفان الاتهامات، و وصلت مرتبة أن الحسن نعتهم ب «الدواعش». بالمقابل أكثر ما لفت انتباه مراقبي الساحة السياسية ومجريات العملية الانتخابية هو قطع نجل الميرغني «الحسن» لبرنامجه المعد الذي اشتمل على متابعة العملية الانتخابية بجانب بعض اللقاءات التي تم الترتيب لها مع قيادات من المؤتمر الوطني. مصادر أخرى مضت للتأكيد بأن الزيارة جاءت بناءاً على تطورات مهمة أملت قيامها في هذا التوقيت الذي يتطلب وجود الرجل الأول في الحزب بالداخل. سياج السرية غير أن أهداف الزيارة ظلت طي الكتمان، وضرب عليها سياج من السرية حتى للمقربين منه، الحسن وصل إلى القاهرة وهو يحمل معه هموم وقضايا حساسة تنتظر الحسم وإعادة ترتيب بيت «الأشقاء» من الداخل، بينما ذهب مقربون للقول بأن دوافع وصول الرجل الذي لمع نجمه مؤخراً تكمن في التفاكر مع شقيقه جعفر الصادق الذي سيصل القاهرة قادماً من لندن، ويأتي لقاء «أولاد» الميرغني في القاهرة إمعاناً في السرية والتكتم - دأب المراغنة- فضلاً عن وجود الأجواء المتاحة لمناقشة قضايا المرحلة الحرجة والتطورات الحساسة في قضايا المشاركة والهيكلة الحزبية وملفات أخرى. عودة الرجل للخرطوم من القاهرة لم يحدد لها توقيت معين، وإن كان البعض أوجد قواسم مشتركة بين مغادرته وقرار مفوضية الانتخابات بتمديد الاقتراع ليوم إضافي. وبحسب الصحف التي نقلت عن مصادر مقربة من الحسن اعتراضه على تمديد فترة الاقتراع ليوم إضافي، ونقلت مصادر عن الرجل أن مفوضية الانتخابات لم تشاور الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية ولم تقدم حيثيات مقنعة للتمديد، ومضت المصادر للقول بأن الحسن الميرغني أشار للأعباء الإضافية التي تترتب على قرار التمديد. ووصف الخطوة بأنها ستؤدي إلى إطالة أمد العملية الانتخابية وفتح ثغرات قد تؤثر وتثير الشكوك في نزاهة الانتخابات، ومطالبته للمفوضية بالالتزام بالبرنامج المعلن الذي وافقت عليه جميع الأطراف. الحسن الذي غادر للقاهرة كان قد أدلى بصوته في أول أيام الاقتراع بمركز في الصبابي بمدينة بحري وأطمان على سير العملية الانتخابية. في الجانب الآخر قال الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل إن محمد الحسن الميرغني لم يغادر البلاد احتجاجاً على تمديد فترة الاقتراع، ومضت اللجنة الإعلامية العليا للانتخابات بالحزب للتأكيد على أن مغادرة الحسن للقاهرة تاتي في إطار برمجة عمل معلنة وجدول زمني محدد، مشيرة إلى أن الحسن أدلى بصوته، ووجه اللجان بمواصلة عملها بجدية وفاعلية. ودعا الحزب في الوقت ذاته قياداته وجماهريه داخل وخارج البلاد لعدم الالتفات للشائعات والمعلومات المغلوطة التي تستهدف الحزب، مطالباً جماهيره بمواصلة عملية الاقتراع بكافة المراكز بالولايات.