انتهت الانتخابات بخيرها وشرها وعدنا إلى ماكنا فيه من «عك»، ولكن في ظروف مختلفة، فالإنقاذ من جانبها جاءت إلى الحكم بشرعية لا يوافق عليها اللاعبون الأساسيون في الساحة السياسية باستثناء الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وهو حزب يستند على ثقل جماهيري لا يمكن التقليل من شأنه، وإن كان الحزب نفسه غير موحد في الموقف من العملية، إلا أن جانب السيد هو الراجح بطبيعة الحال، مع أن الرموز الاتحادية التي اعتزلت العمل لا يمكن التقليل من شأنها، وبعضها يستند هو الاخر على بعد طائفي مثل بخاري الجعلي ابن الطريقة القادرية والتي كان لمقاطعتها أثر واضح على الانتخابات في دائرة بربر الجغرافية التي رشح فيها حزب المؤتمر الوطني رئس مجلسه الوطني في الترتيب الحكومي السابق، هذا إلى جانب أن مشاركة حزب السيد لن تغطي على الجانب الآخر من معادلة الشرعية في ظل مقاطعة حزب الأمة أحد أكبر الأحزاب السودانية وصاحب الرمزية التي لا يمكن أن تضاهيها كل أحزاب الوحدة الوطنية التي شاركت في العملية، هذا إلى جانب أن موقف الحزب يحسب في خانة التباعد بين الإنقاذ وأقرب الحلفاء المحتملين لها في المرحلة المقبلة لولا سحابة الصيف التي رانت على العلاقة بين الحزبين إبان اعتقال المهدي لمواقفه الناقدة لممارسات قوى التدخل السريع في مسارح العمليات، أيضاً مشاركة المنظمات الوطنية الموالية للنظام في مراقبة الانتخابات في ظل غياب «7000» مراقب يندرجون تحت المنظمات التي راقبت انتخابات «2010» ينضاف إلى قائمة التساؤلات التي تشوب طبيعة الممارسة الانتخابية التي من المتوقع أن تتمخض عنها أوضاع يفوز فيها حزب المؤتمر الوطني بأغلبية مريحة تمكنه من مقابلة تحديات المرحلة المقبلة، ولكن بتعاون فاتر حتى من قبل الذين قربت بينه وبينهم التهديدات العسكرية الأخيرة والتي توجست منها خيفة بعض القوى السياسية المعارضة مثلما عبر عن ذلك حزب الأمة إبان احتلال قوات الجبهة الثورية لمنطقة أم روابة وأبو كرشولا من قبل، وهو فتور من المتوقع أن يمتد إلى علاقات السودان الخارجية والتي شهدت تحسناً بعد مشاركته في عاصفة الحزم إلى جانب السعودية ومصر، تلك الخطوة التي باركتها أمريكا واحتفت بها أوروبا، ولكن في الوقت الذي أخذت تحلق فيها الطائرات السودانية في سماء اليمن معلنة عن بداية عهد جديد في علاقات السودان الخارجية أعلن الاتحاد الأوروبي رفضه للانتخابات التي جرى التحضير لها في وقت تسعى فيها أحد أهم دول الاتحاد لإيجاد تسوية سياسية للأزمة السودانية بممارسة ضغوط على القوى السياسية الرافضة للحوار مع الحكومة بدون شروط، المطلب الذي استجابت له بعض الفصائل اليسارية والتي سبق لها أن رفضته من قبل. وان كانت المعارضة قد اختلفت حول الوصول إليه عقب عودتها من برلين، لكن من الواضح أن الية آلحوار كانت قد كسبت أنصاراً جدد.