عرفت سورية عبر تاريخها الطويل مجموعة من النظم والقوانين التي حكمت العلاقات السياسية والاجتماعية الثقافية بين الشعب والحكومة ، ومنذ (مملكة ماري) والمكتشفات الأثرية ، واختراع أول حرف مكتوب للتفاهم بين البشر، تطورت هذه النظم ، ونرى في كتاب (سجل الدستور السوري) الصادر حديثاً عن (دار الشرق) بدمشق من إعداد وتوثيق الباحث مازن يوسف الصباغ،أن الباحث يشير إلى أنّ النقاش يدور في أغلب البلدان والدول، وترتفع الأصوات في الندوات والمحاضرات للنخب السياسية والاجتماعية، ولاسيما في الدول العربية ،والكثير من دول العالم النامي (الثالث) ،التي تنظم حياتها دساتير حول ضرورة الاحتكام إلى الدستور، على أساس أنّه وثوابته الانتمائية من الدين واللغة ونظام الحكم وسيادة القانون،و تمثل المرجعيات الأساسية لبناء الدولة الحديثة، وقيام مؤسسات المجتمع الأهلي الرسمية و المدنية ، وتحقيق أهداف الدولة من الوحدة الوطنية والحرية والتقدم والكرامة للمواطن وحقوقه وواجباته، بغض النظر عن المنابت والأصول واللون والعرق والدين والمذهب، ويشير الباحث مازن يوسف الصباغ إلى أن كلمة (دست)أو (دستور) معربة عن اللغة الفارسية، وكانت تطلق على الشخص الممارس للسلطة، ولاسيما رجال الدين من أهل (المذهب الزرادشتي)، واقترنت هذه التسمية أكثر وأكثر بكهنة المعبد، فجمعوا مع السلطة توقير الناس لهم، وربما دخلت إلى اللغة العربية في مرحلة مبكرة، بمعنى الرياسة والحكمة، ومثل ذلك جاء ذكرها في (كليلة ودمنة) والتي ترجمها ابن المقفع (724- 759م). يسلط الباحث مازن يوسف الصباغ الضوء على نشوء الدستور، فكرياً وفلسفياً واجتماعياً ،بلمحة موجزة عبر مراحله التطورية ،من حيث الترتيب الزمني والتاريخي، وعبر مجموعة من التعاريف والإضاءات ،يقدّم لنا توضيحات شديدة الأهمية حول كل ما يتعلّق بالمصطلحات التي يتشكل منها الدستور، بالإضافة إلى مصطلح القانون،أما في القسم الثاني فيتحدث حول مراحل التمهيد للدستور ( القانون الأساسي العام1920 المؤتمر السوري ) للمملكة السورية بعد استقلال سورية وسقوط الدولة العثمانية وتتويج الملك فيصل الأول ملكا على سورية في الثامن من آذار مارس 1920 ، في مع ذكر أعضاء المؤتمر السوري آنذاك، وبعد ذلك ينتقل للحديث في القسم الثالث من الكتاب حول مراحل التمهيد للدستور (مشروع دستور 1928 ) ، (دستور 1930) خلال الانتداب «الاحتلال الفرنسي» لسورية 25/7/1920 ولغاية ، 17/4/1946 أما في القسم الرابع فيتحدث عن مرحلة انقلاب الزعيم حسني الزعيم 30/3/1949 ولغاية 14/8/1949 ،ومحاولة إصدار دستور جديد لم يتسنّ لها النجاح، بسبب سقوط دولة الزعيم حسني الزعيم في 14/8/1949 ،إلى مرحلة انقلاب الزعيم سامي الحناوي -في القسم الخامس- (14/8/1949) وعودة الحياة النيابية و(إعلان قيام الجمعية التأسيسية) ووضع دستور جديد 1950، وفي القسم السادس نقرأ عن مرحلة الانقلاب الثاني للعقيد أديب الشيشكلي من 29/11/1951 وإصدار دستور جديد لسورية 1953، وأما في القسم السابع نقرأ عن سقوط نظام الزعيم أديب الشيشكلي25/2/1954 وعودة مجلس النواب المنتخب عام 1949، والعودة لدستور عام 1950 الصادر عن الجمعية التأسيسية، وفي القسم الثامن مرحلة قيام دولة الوحدة ،الجمهورية العربية المتحدة، بين مصر وسورية من 22/2/1958 ولغاية 28/9/1961 و(دستور الوحدة 1958) وانتخاب جمال عبد الناصر رئيساً، والقسم التاسع يسلّط الضوء فيه على مرحلة الانفصال ،فصم عرى الوحدة بين سورية ومصر وقيام الجمهورية العربية السورية في 28/9/1961 ولغاية قيام الثورة في 8/3/1963، مرورا بدستور 1962، والقسم العاشر فيتحدث عن مرحلة ثورة الثامن من آذار مارس 1963 والدستور المؤقت عام 1964 حتى تاريخ 1966، وفي القسم الحادي عشر مرحلة حركة 23/شباط فبراير 1966 وإعلان دستور مؤقت 1969 ولغاية 16/11/1970، وأما في القسم الثاني عشر فيسلط فيه الضوء على مرحلة قيام الحركة التصحيحية شارحاً حول بيان إعلان بنغازي 17/4/1971 وقيام اتحاد الجمهوريات العربية مصر وسورية وليبيا ، ونص مشروع دستور دولة اتحاد الجمهوريات العربية،وحول الدستور المؤقت للجمهورية العربية السورية الذي صدر بعد قيام الحركة التصحيحية، والدستور الدائم للجمهورية العربية السورية الصادر بتاريخ 13/3/1973 ،وفي نهاية الكتاب يثبت الباحث الصباغ المراجع والمصادر التي استقى منها معلوماته، لتقديم هذا المرجع الدستوري الهام دمشق آخر لحظة