فرنسوا : هذه قصتي مع الراحل نميري والبشير مصعب محمدعلي ٭٭ فرانسو موسي توفيق أو (الخواجة) كما يحب أن يناديه أصدقاؤه، هو حالة اجتماعية فريدة تجعلنا نبصم بالعشرة أن الانسان السوداني عرف معنى التعايش والتسامح الديني بالفطرة ولم يك في حاجة إلى الخطب الكافكاوية التي بدأت تظهر في السطح الآن، لدرجة أن جملة التعايش والتسامح الديني أصبحت الشغل الشاغل للعالم كله. ٭ وفرانسو المولود في العام 5591 برج العقرب والتي أصبحت اسما بديلا في بعض الأحيان يقولها له خاصته من الأصدقاء والأحبة ، وهناك من يفضل أن يقول له ( الخواجة) وعادة إذا تعددت أسماء الواحد منا نحن السودانيين تأكد أن في الأمر محبة ، فماهو سر هذا الرجل؟! ٭ هو يقول لنا:( بعد وصول جدي إلي وادي حلفا في العام 8981 قادماً من محافظة سوهاج بصبحة ثلاثة من إخوانه، فضلوا أن يستقروا فيها لمدة 8 أعوام، وبعدها اتجهوا جنوباً، بحثاً عن مكان جديد، فوجدوا أنفسهم في منطقة سماها جدي بالتبة، تيمنا بمسقط راسه ب (أخميم) وحور الإسم لاحقاًً فاصبح (الدبة) ٭ وحتي يصبح الاستقرار ممكناً كان لابد من عمل، فجاء خيار التجارة أولا، فعملوا في تجارة القماش وتخصصوا في استيراد الفركة والقرمصيص والفردة، كما نشطوا أيضا في استيراد السكر الحجري من مصر، وشيئاً فشيئاً أصبح اسم الأسرة لامعاً، وجزءً مهماً في نسيج المجتمع، الذي إذا قررت أن تصبح جزءً منه، فعليك أن تشارك في أفراح وأحزان الناس، وبالفعل حققوا هذا الشرط، ولم يكتفوا بذلك فقط بل وجدوا أنفسهم في خضم العمل العام، بتقاسيمه وتفريعاته المتنوعة والمتعددة، ففي الرياضة مثلا انحازوا إلي فريق الأهلي الدبة فماهو السبب؟ ٭ الخواجة فرانسو يقول: (وجدنا أنفسنا متيمين بفريق الأهلي لأكثر من سبب، الأهم منها هو صحبتنا لعدد من الأصدقاء مثل المرحوم محيي الدين مكي أبوشامة، وتوفيق وغيرهما، وهذا كان عاملاً مؤثراً في هذا الإنتماء، فقد كنا نقضي وقتا طويلاً معاً، نلعب تنس الطاولة، ونتابع معاً كرة القدم، وهذا ما دفعنا إلي الإنحياز، الذي أصبح الآن واجبا علينا، نساهم مادياً ومعنوياً لندفع بالفريق إلي الأمام ٭ لم تكن الرياضة وحدها الشغل الشاغل للأسرة، فهناك أنشطة أخرى مثل الصحة فما الذي ساهموا فيه؟ ٭ الخواجة فرانسو يحكي: ( قرر والدي المساهمة في تأهيل وصيانة عنبر الولادة في الدبة،الذي أصبح يحمل اسمه - عنبر موسي توفيق وأولاده - ولم نكتف بذلك فقد قررنا صيانة العيادات الخارجية للمستشفي، وكذلك السور الخارجي) ٭ قلنا إن السودان عرف وألف منذ القدم التعايش الديني، كما لم يألفه بلد آخر، والدليل علي ذلك أن أسرة فرانسو المسيحية، في حال توفى أي شخص في المنطقة توفر الكفن مجانا، وهذه العادة مستمرة حتى الآن، ويشاركون في واجب العزاء والدفن، يقرأون الفاتحة علي روح الميت. ٭ فرانسو يقول: ( أنا أحفظ سوراً قرآنية كثيرة، مكنتني من ذلك دراستي للتربية الإسلامية في المدرسة، لم أكن أريد أن أصبح شخصاً معزولاً من مجتمعي، فأنا اقرأ قراءتهم واحب محبتهم، ففي شهر رمضان تجدنا نتشارك الإفطار، نجلس مع الناس في موائدهم، ولقد بنى جدي مئذنة وهلال لجامع الدبة العتيق، وفي الأعياد الإسلامية نفتح بيوتنا لنستقبل المهنئين، كما فتحنا بيننا والجيران نفاجات ٭ إذن أصبح للرجل وأسرته ثقلاً في المجتمع،وله كلمة مسموعة مادفع مدير عام المحاكم مولانا موسى عبدالرحيم أبوروف ليرشحه حتى يصبح معتمداً للدبة كما قال لنا، كما حظي برفقة الشعراء والسياسيين، بل أصبح يستشار في حال واجهت الناس مشكلات اجتماعية أو سياسية، ولفرانسو حكايات مع الرؤساء، فقد طالب الرئيس السابق جعفر نميري أن يمنحه الجنسية السودانية بالميلاد، لأنه كما قال لنميري حقه المفترض ٭ أذكر عند زيارة الراحل جعفر نميري للدبة، ذهبت إليه وحكيت له جزءا من قصتي، وطلبت أن أمنح الجنسية السودانية، فكتب على ظهر أورنيك مالي ( يمنح فرانسو موسى جنسية سودانية بالميلاد فوراً) وللاسف لم احتفظ بهذه الورقة التاريخية المهمة ، ولقد جمعتني بالرئيس عمر حسن أحمد البشير أيضا جلسة رمضانية في النادي القبطي، وقصصت عليه ما نفعله أيام رمضان مع إخوتنا المسلمين، وحكيت له أيضا عشق أسرتي للبليلة، التي نفضلها على بقية الماكولات ٭ موسى فرانسو يقول إن عشقه للسودان والسودانيين لا يعادله عشق، ويكفيه الحب والثقة المتبادلة التي بينه وبين أهل منطقته.