تناقلت العديد من الوسائط نبأ استشهاد الشاب محمد، نجل رجل الأعمال المعروف مامون أحمد مكي عبده بسوريا، وذهب البعض إلى خلق علاقة بين استشهاده وتنظيم داعش وهو أمر غير صحيح البته، لجهة أن محمد حسبما أكد أهله وأصدقاؤه ل «آخر لحظة» أنه غادر إلى سوريا مناصرة للشعب السوري، وقاتل ضمن القوات المعادية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. ويقول القيادي بالمؤتمر الوطني د. عبد الملك البرير والذي هو «عديل» والد الشهيد أن الحديث عن داعشية محمد عارٍ تماماً من الصحة. وأضاف أن خروج الشهيد مبني على عقيده لا تعرف ثمالة الطائفية أو طغيان هذه الحياة المادية...ليت الله حباكم بمجالسة هذا الفارس رقيق القلب وعف اللسان والروح والذي اهتز وجدانه وهو يتابع قتل الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ، ودمار طال حتى سيف خالد بن الوليد. وزاد: لم يكن داعشياً ولم تكن هناك داعش عندما طلب النصرة لضعفاء سوريا، اختار فصيل جبهة النصرة إلى أن لاقى ربه وهو في جبهة القتال الأمامية . ويري معارفه أن محمداً شخصية غير عادية لكل من يعرفه وكان يتفوق على أقرانه رغم أنه لم يتجاوز العقدين ونصف العقد من السنوات.. ويذهب صديق الأسرة محمد المتعافي إلى القول بأن محمد مأمون، كان شخصية معتدله ومتزنة مما يعني أنه لا علاقة له بأي تنظيم مختل ومتطرف. ويضيف أن الشهيد كان على إستقامة نتاج رعاية والده له وحرصه على تلقيه أرفع العلوم. الشهيد محمد تخرج حديثاً من جامعة أمريكية وبحكم إقامة أسرته في دبي نهل تعليمه في الإمارات وتربى فارساً على ظهور الجياد وعلى السباحة وعلى القنص والصيد ومرافقة أقرانه في الدراسة من الإمارتيين في هذه الرحلات وهم ابناء حكام دولة الإمارات، ولعل حبه للفروسية جاء من والده مأمون الذي هو رئيس نادي الفروسية. ويقول عبد الملك إن هيئة محمد و قامته الممتشقه و جسمانه الفارع متناسق، وسماحة في الوجه طلة وبشاشة ولساناً لا يقودك إلا لقلب رطب. أما الحديث عنه في أمور الدنيا، لا ينال منها إلا ما يربطها بالآخرة.. وبسهولة ويسر وتوادد يجعلك تكرر من زيارته. ابن أربعة وعشرين عاماً كان يرتب له في أسرته قيادة اعمالها الاقتصادية في دبي، وهو على الرغم من صغر سنه إلا أنه يحظى بعلاقات نافذة في شؤون المجتمع ودواوين الدولة الإماراتية...كل هذا والشهيد كان مطوقاً باصطفاء رباني للشهادة. ويشير البرير إلى أن أول ملامح هذه التربية هي عدم الانتظار لحفل التخريج في أمريكا ورجوعه فوراً إلى السودان وعدم التواصل في ماخططت له الأسرة لقيادة العمل، ويتم ذلك بكل أدب وتوقير لوالديه...وبدأ يطرق طرقاً خفيفاً في الدعوة إلى القيم العليا ونبذ التمظهر المادي في الحياة.. وعرض طرحه على شباب الأسرة ومن حوله وبروح يبحث فيها دوماً وبكل علمية عن الرأي الصائب من متون الفتيا وصحيح الفقه. لو عرف عن محمد أن له رأي قاطع في مسألة الإمارة وطاعتها وعدم الخروج عليها قولاً أو فعلاً تأصيلاً، أن الله يعطي الملك لمن يشاء وينزع الملك ممن يشاء. بدأ يتخلص من كل مقتنيات الرفاهية التي في حوزته إلى أن وصل الحال بأن الخادم في المنزل لم يجد غير غيار واحد في سلة الملابس... قبل أربعة عشر شهراً بالكاد خرجت والدته للوضوء لصلاة الفجر ووجدت غرفة الشهيد مطفأة الأنوار على غير ما اعتادت عليه وفتحت الباب ووجدت رسالة الاصطفاء على الكتاب الكريم يطلب فيها الرضاء من الوالدين وأنه خارج حتى يبلغه الله الشهادة.. هكذا ينسلون من بيننا يتبعون سنن الأولين ...ويقطع البرير أن الشهيد لم يكن داعشياً ولا دمويا وخرج للمساهمة ضد التمثيل بالإنسانية ويسأل الله الهداية لحكامنا.