٭٭ كثير من مطربينا الشباب ما زالوا يفتقدون للبوصلة التي تهديهم طريق الفن الصحيح، رغم تلألأ الكثير من أسمائهم في سماء ساحتنا الفنية، ورغم ما يجدونه من إهتمام متعاظم من أجهزة الإعلام والجمهور، حتى حسب بعضهم أنه وردي زمانه وأنه وصل إلي سدرة منتهى التألق والنجومية، ولا ننكر أننا أيضاً ساهمنا بقدر كبير في هذه الكارثة الفنية، وكان لنا نصيب الأسد في إنتشارهم، ونحن نصنع منهم «نجوماً من ورق» دون أن يمتلكوا مقوّمات النجومية. ٭٭ ما زال بعض الشباب ينظر للفن والإستمرارية فيه بنظرية «الكم» حتي أصبح شغله الشاغل أن يقدم أكبر عدد من الأغنيات، ولا يهم بعدها إن كانت تحمل قيمة أو رسالة أم لا، فالمهم زيادة رصيد والسلام. ٭٭ أقول ذلك وفي بالي أغنية جديدة للفنان الشاب منتصر هلالية اسمها «أهلك الواقفين حرس» ، نقر أنه وفق في إختيار لحنها الذي جاء علي إيقاع السيرة، ونقر أيضا أن قصتها من واقع حياتنا ومن حكاياتنا اليومية التي لا يخلو منها مجتمع، ولكن ليس كل حكاية تكتب يمكن أن تغنى، لذلك نرى أن هلالية لم يوفق في الإختيار، وكشف أنه ما زال يحتاج إلي وقت طويل حتي تنضج تجربته و«تستوي» علي نار الصبر الهادئة، ليفهم بعدها أن الفن يعالج قضايا وليس مجرد أي كلمات تردد عبر إيقاع يعجب الناس، وحتي لا أظلمه دعوني أتناول معكم وعلى عجالة بعض كلمات أغنيته التي يقول مطلعها الجميل: أهلك الواقفين حرس .. مهما جارو علي جارو ..عندي ريدك ما نقص وبعدها يدخل في الجزء الثاني من الأغنية وهو ما نقصده من كلمات لا ترقى لمستوى أن تغنى ، وهي التي هزمت الأغنية بالضربة الفنية القاتلة: أهلك العملو العوا .. معاي في شان الهوي ديل كانوا دون المستوي .. وحرمونا نحنا نكون سوا إنها دعوة صريحة من الأغنية ليترك الأهل الحبل علي الغارب لكريماتهم ليابقلو «الحبايب» دون خوف من رقيب، وإلا كانوا دون المستوى بحسب الأغنية، ودعوة أيضاً أن تتخلى الأسرة السودانية عن خصلة حميدة عرفت بها دون أسر العالم، وهي الخوف على البنت والإصرار على من يريدها للزواج أن يأتي عبر الباب، وليس الشباك «كما تريد الأغنية» ٭٭ كان علي شاعر الأغنية أن يفخر أن لمحبوبته أهل يخافون عليها من «عيون الناس»، وأن يباهي أنهم أصحاب «مستوى» فالعز أهل والنسابة «عين شمس»، إلا إذا كان هو يري غير ذلك، وهنا حق علينا أن نسأله: «داير بيها شنو» ٭٭ عموماً نرجو من هلالية أن يتأنى في إختيار الأغنيات، وأن يعقد ورشاً فنية يستعين فيها بالخبراء، لأننا نرى فيه الكثير من مقومات فنان المستقبل ، بعيدأً عن لقب «المارد الحنون» الذي لا يشبه لقباً لفنان.