٭ يا ابن أمي التي لم تلدك ٭ ويا شقيقي من أمك التي لم ترضعني ٭ على «دفع الله» فلتبكي البواكي ٭ نحن لا نقول إلا ما يرضي الله ولكننا لفراقك لمحزونون ٭ التقينا قبل ربع قرن من الزمان في دار «أحمد بدوي الشوش»، وخرجنا معاً لإحدى مقاهي «صنعاء» التي أطلقنا عليها اسم «الحرافيش» وانطلقت حينها تلك «الصداقة» و«الخوة» حتى اللحظة. ٭ الخبر الصادم يقول لنا: إنك لاقيت ربك أمس الأول على طريق مكة الليث!! إنها الشهادة وحسن الخاتمة وآخر ما أكتحلت به عيناك الكعبة المشرفة والبيت الحرام. ٭ في إجازتك السابقة قلت لي: إنك تحرص على أداء صلاة الجمعة في الحرم الشريف. ٭ قال جاره في حي أركويت أمس: كأنه كان يخطط لرحيله قبل عامين، هذا الرجل لم يتغيب عن الصلوات الراتبة في المسجد، كان يشق العسعس هو وأطفاله الصغار!! ٭ أمس بحثت في أوراقي القديمة عن خطاب أرسله لي قبل عقد من الزمان وكان عنوانه الرحيل!! لم أجده ولكنني وجدت عدة صور فوتغرافية جمعتنا معاً ونحن في بواكير الشباب وعنفوانه وأحلام الغربة وإثبات الذات!! ٭ لم يخطط من بداخل الصيوان لكلمات تأبين، ولكنها في دقائق انطلقت من «عثمان هرون» رئيس لجنة الخدمات بالحي.. ومن «عبدالعظيم العاقب» ممثل الأسرة.. وصديقه في الابتدائية وفي الجامعة مولانا القاضي «عثمان الصديق جودة» وبروفيسور «محمد عثمان» صاحب المنزل الذي يستأجره الفقيد وجاره «خالد عبدالله إبراهيم» و«عوض الكريم بابكر» رئيس اتحاد مزارعي حلفا وممثل إحدى دوائر القضارف وشخصي الضعيف ٭ كلهم أجمعوا على أن رحيل «دفع الله» فاجعة ومصيبة نسأل الله التخفيف.. وكلهم قالوا إنه كان رجلاً أمة وود بلد وعالم وباحث وشاعر وأخلاق فاضلة تمشي على رجليها. ٭ قلت لهم: دفع الله نحسب أنه كان مؤمناً بالله ورسوله.. ويحب الوطن والفضيلة والعلم والتواضع والإنسانية والرحمة والضحكة والشعر والأدب والهمة والنشاط والمدينة و«البادية» وشقيقه العطا وأسرته الصغيرة وجامعة الخرطوم وكلية الصحة وقريته «الهشيب».. ونجح ببراعة في أن يجعلنا نحب كل هذه المحبوبات!! ٭ الدكتور دفع الله محمد أحمد رحلة حياة قصيرة ولكنها حافلة قطعها على «عجلة» من نجاح وكان نجماً في كل مراحله الأكاديمية والمهنية والإعلامية و«شعلة» من النشاط والوعي والاستنارة.. عمل استاذاً للاقتصاد بجامعة الخرطوم بكلية الصحة وفي عدد من الجامعات.. وقبل عام ونصف انتقل لجامعة أم القرى بمكةالمكرمة وكان كالغيث أينما هطل نفع!! ٭ رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.. وألهمنا من بعده الصبر وحسن العزاء « إنّا لله وإنّا إليه راجعون ».