٭ أسوأ شئ على الصحيفة حضور الحدث ومن ثم الذهاب للمطبعة بدونه!! ٭ كانت هذه العبارة جزءاً من حديث مطول دار بيني وصديقي الصحفي «كمال إدريس» بالسعودية.. كان يسألني عن حقيقة الذي حدث مساء أمس في أمدرمان و«الأثير» مليء بالشائعات. ٭ من «أم ضريوة» أيضاً كان يسألني «بكري عوض» عن الضوء الساطع وصوت الانفجار الذي جعل نساء وأطفال أم ضريوة يخرجون للشارع. ٭ قبل يوم كان الإظلام الكامل الذي عم العاصمة وعدداً كبيراً من مدن الولايات بما فيها مدن جنوب السودان. ٭ «الحدث» مختلف ولكن «الهلع» واحد وغياب الحقيقة «واحد» والروايات المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي «بالمئات» ومصحوبة بالصور التي تجعلك تشك هل هي حقيقية أم مدبلجة وإن كانت للحقيقة أقرب؟!! ٭ قلت لكمال: ما عندي خبر، استغرب!! .. قلت: خرجت من الصحيفة.. استغرب أكثر.. قلت له: ندفع بها للمطبعة باكراً ونذهب إلى بيوتنا!! هذه المرة اندهش.. قلت له: ياكمال انتهى عهد «السبق الصحفي».. نحن الآن في عصر «السبق المطبعي» إما أن تذهب مبكراً وتغامر بفضيلة متابعة الأحداث لحظة بلحظة.. أو تجلس مكانك وتعمل فيها شاطر متابعاً لصيقاً للأخبار وآخر التطورات، ولكن لا تلوم نفسك إن فاتك قطار الطباعة الذي يذهب مبكراً فلا وقت لانتظار الصحف النشطة!! ٭ إذا عندك مطبعة برضو ما حل!! الولايات لازم تشحن لها الجرائد مبكراً وإلا فاتك البص المسافر!!.. سكت كمال وقال: كان الله في عونك.. قلت له: وفي عون الجميع. ٭ الشق الآخر من الحكاية يتعلق بهذه «المحركة»- بفتح الميم وتسكين الحاء- التي تمارسها الحكومة إزاء مثل هذه الأحداث، سو اء ما حدث في أمدرمان أو قطوعات الكهرباء أو أي أحداث أخرى.. فمن الملاحظ أن الحكومة تصمت طويلاً.. ولأن نظرية «الكوب الفاضي» انتهت.. فإن مواقع التواصل الاجتماعي تتولى ملء «الفراغ» بألف «ناطق رسمي» يصدر في كل ثانية وثانية كماً هائلاً من المعلومات والتقارير ولا تعرف في هذه الحالة «الصاح من الخطأ» و«الملون» و«الأبيض» و«الأسود» و«المفبرك» من الحقيقي!! ٭ وإذا خرج «الناطق»- بعد هذه المدة الطويلة- فإننا نقول: ليته سكت!! فالناطق الحكومي دائماً ينطق «صمتاً» وتظل الحقيقة غائبة رغم أنها فضيلة مطلوبة بإلحاح. ٭ عندما انطلقت طائرات «عاصفة الحزم» في الهزيع الأخير من الليل تجاه اليمن كان العميد «أحمد العسيري» جاهزاً ومواكباًً للحدث بكم هائل من المعلومات و«الثبات» والاقتناع والجاهزية للإجابة على أي استفسار!! ٭ مشكلتنا في هذا البلد «ناطق»!!