م: عمر البكري أبو حراز : الكل يترقب التغيير المتوقع بعد أداء الرئيس القسم لفترة رئاسية جديدة تبدأ الشهر القادم، والمشرئبون للتغيير مجموعات غير متجانسة مجموعة تنتظر تغييراً جذرياً جوهرياً يبعد الحركة الاسلامية المتشددة من الحكومة ومجموعة تنظر الى تغيير شكلي غير جوهري في الحكومة باستبدال وجوه في الحركة الإسلامية ظلت لفترة طويلة على السطح بأخرى كانت ولا تزال تحت السطح، ومجموعة ثالثة تنظر الى تغيير ينصف عضوية المؤتمر الوطني خارج الحركة الإسلامية قياساً على أن عضوية الحركة الإسلامية في المؤتمر الوطني تشكل فقط 20% كما ذكر د. غازي صلاح الدين في وقت سابق قبيل خروجه من المؤتمر الوطني، قياساً على استطلاعات الرأي هذه الأيام والنسبة المتدنية للتصويت في الانتخابات الأخيرة، وقياساً على اعتراف أحد قيادات المؤتمر الوطني بأن أعداداً كبيرة من المؤتمر الوطني لم تدلِ بصوتها في الانتخابات بأن المجموعة التي تنتظر تغييراً جذرياً وجوهرياً هي الأعظم وهي المجموعة التي تضم غالبية أحزاب المعارضة والجبهة الثورية.. هذه المجموعة المؤثرة في المعارضة ما عدا حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور التي تطالب بإسقاط النظام تنادي بالهبوط الناعم الذي لا يسعى لاسقاط النظام بالمواجهات العسكرية المدمرة للبلاد، ولا يسعى الى تفكيك المؤتمر الوطني بل يسعى الى تحرك المجموعة المتشددة الى المقاعد الخلفية في كابينة القيادة في إدارة الدولة، وهذا الأمر يتسق مع تحركات المجتمع الدولي وخططه الرامية الى ابعاد السودان عن الانزلاق في مستنقع الفوضى الخلاقة الذي تغرق فيه الآن سوريا، واليمن، وليبيا، والعراق ويتسق أيضاً مع متطلبات واتفاقات الانضمام الى حلف عاصفة الحزم بقيادة السعودية ومصر.. هذه المجموعة الداخلية والخارجية تؤمن بأن الاطاحة الكاملة والاقصاء الشامل لقيادات الحركة الإسلامية وعضويتها الملتزمة تؤدي الى الفوضى الخلاقة والمواجهات الدامية، اذ أن الحركة الإسلامية تنظيم أممي قوي متماسك الجسور وشرس وله من الأساليب التي يفجر بها الدول وأنظمتها وتركها في فوضى غير خلاقة لسنوات طويلة كما يحدث الآن في العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن.. كل هذه المواجهات الدامية الممتدة تقودها تنظيمات إسلامية أقواها الحركة الاسلامية، هذه المجموعة تسعى وتتمنى أن يُقدم الرئيس البشير كمؤشر لانطلاق مرحلة جديدة وجادة بالتخلي عن رئاسة حزب المؤتمر وليس عضوية المؤتمر الوطني حتى يحافظ على فوزه برئاسة الدولة والتي خاضها كعضو في المؤتمر الوطني، ولكن هذا المطلب أزعج قيادات وعضوية المؤتمر الوطني خاصة الحركة الإسلامية إذ إن تخلي البشير عن رئاسة المؤتمر الوطني يقود الى انشقاق رهيب في الحزب الذي لم يتفق قادته وقياداته على من يخلف البشير فمنذ حوالي الخمس سنوات صرح البشير بأنه لا يرغب في الترشح للرئاسة في دورة 2015-2020م وسعت القيادات في المؤتمر الوطني طوال خمسة أعوام لايجاد قائد جديد لمسيرة الحزب والدولة، ولما فشلت بسبب الخلافات العميقة تم الضغط على البشير لمواصلة المسيرة وتم حسم الأمر في اجتماع الشورى الأخير قبيل الانتخابات بتكتيكات ومفاجآت بالغة التعقيد والدهاء والذكاء، الآن وقد تم الحسم وتولى البشير الرئاسة لفترة جديدة طفت الى السطح مطالبات وتخطيطات المجموعة الأولى المنادية بالهبوط الناعم وحل مشاكل السودان العميقة بعيداً عن تأثير الحركة الإسلامية وتخلي البشير عن رئاسة الحزب والاعتماد على الشق الأمني في الانقاذ حتى يسهل حلحلة كل المشاكل والأزمات الأمنية والاقتصادية عبر التفاوض غير المشروط من كل الأطراف، يقود هذه المجموعة الامام الصادق المهدي، وقطاع الشمال في الحركة الشعبية ومعظم حركات الجبهة الثورية المسلحة وبعض أحزاب المعارضة الأخرى، هذا التوجه يتم بدعم ومباركة القوى الخارجية المتمثلة في الترويكا (أمريكا، وانجلترا، والنرويج) إضافة الى المانيا، وفرنسا، وكندا هذا التوجه أيضاً يلقى دعماً وقبولاً من الاتحاد الافريقي واللآمم المتحدة، وفي المقابل هذا التوجه خاصة تخلي الرئيس عن رئاسة حزب المؤتمر وابعاد قيادات الحركة الإسلامية الى المقاعد الخلفية غير المؤثرة في إدارة الدولة وسياساتها غير مقبول أو مرحب به من الحركة الاسلامية السودانية إن ابتعادها قد يؤدي الى تراجع ثوابت تؤمن بها وتقوم عليها، حتى وإن أدى ذلك التوجه الى حل كل الصراعات والمواجهات والحفاظ على السودان متماسكاً في وحدته متمتعاً بأمنه وأمن وسلامة مواطنيه، لذلك ستقوم الحركة الإسلامية السودانية في الأسابيع القليلة القادمة بإعمال كل فكرها الحاد وخبرتها المتراكمة وأساليبها الناعمة والخشنة لإبطال مفعول هذه القنبلة المدمرة لها الى الأبد، وهي بذلك لن تقبل بأن تموت وهي ساكنة. في ظل هذه التعقيدات السيناريو المتوقع هو عدم حدوث أي تغيير جوهري في العمل التنفيذي ويكون التغيير شكلاً فقط باستبدال الوجوه القديمة بأخرى جديدة من داخل عضوية الحركة الإسلامية، بالرغم من أن عضوية المؤتمر الوطني (80%) من خارج الحركة الإسلامية وتؤمن ببرامج وسياسات المؤتمر الوطني بها كفاءات وطنية مخلصة تركت أحزابها القديمة أو لم تكن أصلاً في أحزاب كفاءات أثبتت نجاحاً في العمل النقابي والاجتماعي، وهي مقبولة ورموز في المجتمع لم تمنح هذه الشريحة الكبرى في المؤتمر الفرصة للمشاركة في الادارة التنفيذية للدولة أو المخاطبة الجماهيرية لعضوية المؤتمر الوطني أو التفاوض باسم المؤتمر الوطني مع المعارضة المدنية أو العسكرية داخل وخارج السودان في كافة المنابر الاقليمية والدولية، بالرغم من فشل المفاوضات في كل جولاتها بسبب الجمود في الأفكار والتمترس في آيدلوجيات تقصي كل من هو خارج منظومة الحركة الإسلامية بالرغم من وجودهم معهم في حزب واحد ومعظم هؤلاء مؤثرون ومقبولون في المجتمع، ويحملون أفكاراً ناضحة متحركة مع متغيرات الأحداث وقادرون على خلق التوازن المطلوب بين التفكيك والاستيعاب الأمثل لحل أزمات السودان والهبوط الناعم. السيناريو هذا وهو إحداث تغيير غير جوهري سيؤدي الى تعقيد الأزمة وفشل التفاوض الخارجي وتعثر الحوار الداخلي وإعادة إنتاج الأزمة الى المربع الأول، وتزيد احتمالات الهبوط غير الناعم المدعوم بالمخططات الخارجية التي تريد أن يكون السودان متماسكاً آمنا مستقراً بأية وسيلة لحاجة في نفس يعقوب. والله الموفق.