٭ داعش الذي أحرج المسلمين وأرهب الغرب وحلفائهم، هو «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» كان في الأصل فرعاً من فروع تنظيم القاعدة «فرع بلاد الرافدين»، انفصل عن التنظيم الأم بسبب البيئة التي خلقتها أجواء الحرب التي أدارتها أمريكا في العراق ثم الحرب السورية؛ أي أن داعش بذرة من القاعدة تربت في تربة حروب الشام. ٭ المجتمع الدولي هو المسؤول الأول عن ظهور هذه التنظيمات المتطرفة، وذلك عندما سكتت على إسرائيل وهي تعذب الفلسطينيين وتركت أمريكا لتدمر العراق، وتفرّجت على الشعب السوري وهو يذبح يومياً بالعشرات!! ٭ داعش من جهة أخرى فقه ديني في غاية من التطرف، في سلوكه استجابة آلية عكسية للتطرف الأمريكي الأوربي في محاربة عقيدة دينية لم يكتب لها أن تهزم في كل الظروف! لو أخذنا فقط الجذور القريبة لهذه الظاهرة سنجد باختصار أن الجذر الأقدم تغذى في بيئة إسرائيلية، أما السبب المباشر فهو التدخل الأمريكي الظالم في العراق.. دمروا وأحدثوا خللا في التوازن الطائفي وأطلقوا يد الشيعة على السنة. ٭ ومن مفارقات التغييب العقلي لخصوم داعش من المسلمين والعرب أن أمريكا وهي تضرب داعش كانت تستعمل الفيتو في مجلس الأمن ضد قيام دولة فلسطينية تأوي شعب مسلم مظلوم لأكثر من ستين عاما.. أوربا وأمريكا مستمرة في تعذيب الوجدان الديني للمسلمين دون أن يرف لها جفن؛ ثم تعود وتصرخ عندما ينتشر «التطرف»، ثم يخلقون التطرف بتطرف مضاد ثم يتباكون على حقوق الإنسان! ٭ يقتلون أكثر من سبعة آلاف من أنصار هذا التنظيم ثم يصرخون ويولولون من ذبح رهينة، يلقون عشرات الآلاف من المتفجرات الحارقة في طلعات طائرات تجاوزت الخمسة آلاف، ثم يرتعدون من حرق رهينة! بدأوا ببشاعة ليجدوا رداً أكثر بشاعة.. كيف تقبل فكرة الحرب وترفض النتائج؟!! دول التحالف الأمريكي من العرب المسلمين الذين بدوا «مُحْرجين» مع مرور الزمن فقدوا حتى هذا الحرج؛ تلاحظون هذا في الأسماء المختلفة للتنظيم: الغرب الأوربي لا يطلق اسم داعش للتنظيم بل يقولون بصريح العبارة و دون مواربة «ولا لف ولا دوران» إن هذا التنظيم هو «الدولة الإسلامية» ولا يهم بعد ذلك الاختلافات الفقهية. المستهدف بهذا المصطلح هو فكرة الدول الإسلامية، أما الإعلام العربي المسلم فيحاول تضليل المصطلح بإطلاق اسم «داعش» درءً للحرج ؛لا يريدون أن يظهروا بأن الحرب على الإسلام كعقيدة . الأهم أن المفهوم الأوربي واضح في محاربة الإسلام كدين وليس كتنظيم أو طائفة.. ٭ دولة كاملة مثل الأردن تفقد صوابها عندما يصلها طرف السوط وترد على التطرف بتطرف مضاد، ناسية أنها دولة يجب أن تكون محكومة بقوانين ومؤسسات.. في حماية طائرات أمريكية تضرب في سورياوالعراق.. ولكن ما هي الحصيلة؟ ستفتح على نفسها جهنم جديد وكرة الثلج لن تتوقف عن التدحرج. ٭ سوريا تصفق دون حياء لهذه الحرب وهي بالكامل تتم في أراضيها وعلى بنيتها التحتية وعلى حساب شعبها ! لم تسكت حتى ليعذرها «التاريخ» بأنها كانت مغلوبة على أمرها.. مصر تكسح قرى بأكملها في سيناء وتفتح بذلك بنداً جديداً لتطرف جديد سيأتي أكثر بشاعة في الحاضر والمستقبل، أما فرنسا التي قتلت الآلاف في مالي وأفريقيا الوسطى وألقت بأجسادهم في آبار الصحراء، ترتعد عندما يصلها القتل في شوارع باريس.. حتى كينيا ويوغندا وجنوب السودان يحاولون الاستفادة من قوانين الإرهاب لمحاربة الإسلام كدين، ولن يفعلوا سوى فتح حساب جديد للتطرف في أفريقيا!! وبشاعات داعش وبوكو حرام.. يستعملونها ذريعة ولكن هل سيكون مفيدا هذا العمل ؟!! ٭ إذن أمريكا وأوربا في مأزق حقيقي فهي غير قادرة على تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية؛ لو فعلت ستعالج أزمة فلسطين أولاً ، وإلا ستكون قد فتحت على نفسها أبواب الجحيم بحرب صليبية، وقد بدأت الآن تخطو نحو هذا المصير، والقرارات الدولية الآن تطارد الفكر الإسلامي بصريح العبارة، بدأوا يتباكون على البعد الأيدلوجي والحاضن السني لهذه التنظيمات، وبقيت لهم خطوات معدودة لإعلان الحرب على العقيدة الإسلامية نفسها. ولو فعلوا سيجدون المجتمع الأوربي نفسه في مواجهتهم، ولا يخفي عليهم أعداد الشباب الأوربي المشارك في حروب داعش. ٭ ومن مفارقات «قلة الحيلة» هذه ، أنهم يطالبون تركيا السنية التي عانت من القومية الكردية أن تفعل في إنقاذ الأكراد في قرية كوباني ما لم تفعله لإنقاذ السوريين الذين كانوا يذبحون يوميا لسنوات متتالية ، يطلبون منها أن تسلح الأكراد «أن تطمس عينيها بيدها»، وهكذا أيضا يطلبون المستحيل من الطائفة السنية العراقية. يطلبون منهم أن يقودوا الحرب على داعش وما داعش إلا ابن هذه البيئة، ولكن تركيا استطاعت أن تفلت من المأزق الذي وقع فيه الخليجيون وعشائر الصحوة العراقية!! ٭ إذن الحل في الخطوات الرمزية التي اتخذتها دولة السويد بفتح الجرح الأصلي للمشكلة، وفي الإشارات الفرنسية بإمكانية الاعتراف بدولة فلسطينية، والموقف الصحيح أيضا كان في فتح حزب الله جبهة قتال مع إسرائيل «مهما كانت الأسباب» فليس من المعقول أن يظل المجرم الأساسي آمنا والعالم يدفع ثمن إجرامها في غزة والمسجد الأقصى، آخر المفارقات حتى الآن أمريكا تستقطب العرب السنة في حربها ضد داعش والمعتدلين السنة، وربيبتها إسرائيل تطرد المصلين من باحة المسجد أثناء الصلاة!