٭ أهداني زميلي العزيز مدير إدارة الرياضة ب «آخر لحظة» الأستاذ محمد محمود هسّاي مشكوراً الجزء الأول من كتابة «أحداث كروية.. تبوح بأسرارها».. الذي طار إلى القاهرة خصيصاً للوقوف على طباعته بمطابع الأهرام بقليوب.. والكتاب، أو الجزء الأول منه، ليس هو الأول في جهود هسّاي التي لا تفتر في التوثيق لعالم الرياضة في بلادنا.. فقد أصدر من قبل «الهلال بطلاً لكأس العودة» في سبعينات القرن الماضي و «اعترافات النجوم» في ثمانينياته قبل أن يصدر «نجوم من ملاعبنا» في تسعينياته.. وبذلك يمكننا أن نسجل بإطمئنان أن الأستاذ هسّاي قد وقَّع لنادي (التاريخ الرياضي) في بلادنا، بل وفي العالم كله، لأن الكتاب يتناول أحداثاً رياضية ووقائع كان السودان طرفاً فيها إلى جانب من لعبوا في مواجهته أو نافسوه من مختلف البلدان والقارات في أفريقيا والمنطقة العربية وأوروبا وأمريكا اللاتينية وتحت إشراف مدربين أجانب. ٭ والرياضة كما فنون النحت والتشكيل تمثل ركناً ركيناً في تاريخ البشرية منذ أن عرف الإنسان النهضة الحضارية ودرج على دورب التقدم.. فشواهد الحضارة النوبية والفرعونية والرومانية واليونانية وآثارها تؤكد ما كان للرياضة وفنون النحت والتشكيل من دور في التسجيل والتوثيق لحيوات تلك الأمم الغابرة.. وإذا بهسّاي يمضي على ذات الطريق مخلفاً للأجيال المتعاقبة سجلاً مخدوماً وموثقاً بألسنة وأقلام صانعي تلك الأحداث الرياضية، التي لولاه لطالها الأهمال والنسيان.. وهذا لوحده سبب لجزيل الشكر وعظيم الامتنان. ٭ قد يستغرب قراء «الاضاءات» اهتمامي بكتاب هسّاي الرياضي، لأنهم اعتادوا أن يقرأوا لي في التحليل السياسي والاجتماعي والقضايا الفكرية.. لكنني افاجئهم بأن اهتمامي بالرياضة والرياضيين قديم، يعود للمرحلة الثانوية، عندما كنت طالباً بمدرسة المؤتمر الثانوية التي كان بينها وبين دار الرياضة العتيقة بأم درمان واستاد الخرطوم «فركة كعب»، وكنت منحازاً وقتها بإندفاع جنوني لفريق الهلال أو «الموج الأزرق».. يعني كنت «رشاشة» ليها ضل، كما كان يلقبنا مشجعو المريخ أو «النجم الملتهب». ٭ هسّاي بذل مجهوداً خرافياً حتى يرى الجزء الأول من «أحداث كروية» النور، فهو قد التقى معظم الأحياء من شاركوا لعباً أو تخطيطاً وإدارة في صناعة تلك الأحداث.. التقى بعضهم كفاحاً هنا في الخرطوم أو السودان وسافر خارج البلاد ليلتقي بعضهم الآخر.. فحاورهم وحقق مع بعضهم في ما غمض من وقائع. ٭ التقى «الأسيد» الذي كان أحد ابرز منتخب 0791م في دورة أمم أفريقيا وقتها، ليحكي له عن الانتصارات والانكسارات وأسبابها وأسرارها، وكذلك نجم النجوم أمين زكي وجكسا وحسبو الصغير وبشارة، ورووا له تفاصيل تجاوز «العقدة المصرية» كما تحدث الى النجم المصري الشهير «أبوجريشة» عن أول بطولة كروية لدول حوض النيل في القاهرة.. كما روي هسّاي قصة استاذنا السابق بالمؤتمر الثانوية الأستاذ عبدالفتاح حمد رحمه الله مدرب المنتخب الفائز بكأس أفريقيا، الذي تميز بشخصيته الأستاذ والمربي المثالي. ٭ كذلك سجل هسّاي بإسهاب وتفصيل لا يعرف الملل الأحداث والوقائع والطرائف التي شهدتها الزيارة التاريخية لفريق ليفربول الانجليزي للسودان ليلعب امام منتخب الخرطوم المرصع بالنجوم الباهرة تحت قيادة المدرب سليمان فارس «السد العالي».. حيث احرز فريقنا التعادل مع بطل انجلترا وأوروبا في ذلك الحين.. ودوّن ايضاً لانتصار المريخ وعودته بكأس مانديلا بعد أن هزم «بندل يونايتد» في عقر داره، بالتعادل الذي كان يعني الهزيمة للفريق النيجيري. ٭ أرّخ هسّاي ايضاً لزيارة سانتوس البرازيلي، بقيادة اسطورة العالم الكروية بيليه،. والذي أُستقبل وفريقه من جماهير الرياضة السودانية بما فاق توقعاته.. استقبل بعربة مكشوفة تشق الحشود الزاحفة والمبتهجة بقدومهم.. وأدى فريق الهلال السوداني بقيادة جكسا مباراة أقنعت البرازيليين بأن السودان زاخر بالمواهب الكروية التي قد تنافس «السحرة» إذا ما تهيأت لها الظروف وتوفرت لها الإمكانيات. ٭ تحرك هسّاي بين أحداث كتابه المكتنز بالمعلومات والتفاصيل ب «تمريرات سهلة وممتعة » في «مساحات مدروسة وخالية صنعها بتحركاته الذكية».. فهنيئاً له بهذا الفوز الكبير.. وبالتوقيع لنادي المؤرخين الرياضيين!