كفل الدين الإسلامي الحقوق لجميع الخلق إنساناً كان أم حيواناً، وميّز الإنسان بالعقل حيث أعطى المرأة حقوقها وللصغير الرحمة وللكبار الاحترام وللعالم والشيخ الوقار وغيرها من الحقوق، وكل هذا بتواضع وأخلاق رفيعة تحت عنوان «الدين المعاملة». كل إنسان في هذه الدنيا مخلوق لأداء شيء معين وكل ميسر لما خلق له، وفي النهاية نحن فيها فقط للعبادة والطاعة وهي ليست أداء الفرائض فقط، بل جميع حياتنا هي لله تعالى، إذن علينا أن نتقي الله في أعمالنا سواء كانت عبادات أو غيرها. في الآوانة الأخيرة تبلورت أشياء من البعض لا سيما الشباب تكاد تكون في الماضي غير موجودة وهي التباهي والتفاخر بالأنفس، بل استخدام السلطة في غير موضعها والاستعلاء على الآخرين «الطبيب على المريض، الأستاذ على الطالب، الرئيس على مرؤوسيه، بل حتى الأب على أبنائه»، في الأماكن العامة لا سيما النقل «المواصلات»، بمجرد اختلاف الكمساري مع أحد الركاب تجد من يخرج بطاقته أو هاتفه ويقول «والله الليلة ما اخليك».. كما حدث في الأيام الماضية في إحدى المدن بالعاصمة وفي مركبة عامة، فقد قال الكمساري لأحد الركاب «أرجع المقعد الوراك» ليفسح المجال لأحد الراكبين من ذوي الاحتياجات الخاصة.. أبى الراكب وما كان منه إلا أن ينتفض، وبدأت المشاجرة وانتهت بقول الراكب «اليوم بوريك الطفا النور منو» وأخرج هاتفه ليتصل بأحدهم لا أدري من!! وأجمع الركاب على أن هذا التصرف مشين والأمر لا يستحق كل ذلك الانفعال والبطاقات. للأسف هذا المنظر أصبحنا نراه باستمرار بمجرد اختلافنا مع الغير وفي أصغر المواقف.. فضلاً عن المؤسسات إذا اختلف الرئيس مع مرؤوسيه تم نقله إلى إدارة أخرى قد تكون في درجة أقل.. بمعنى آخر عند اختلافنا في الرأي يفسد الود قضية!.. هذا إذا كان في ود من أصلو. في نفس الجانب تبسمك في وجه أخيك صدقة، لكن الواقع الذي نراه اليوم في المؤسسات عكس ذلك تماماً، البعض منهم يعاملك كأنك عدواً له، وأقل استجهاناً من المواطن تجاه الموظف قد يؤدى إلى تعطيل خدمتك «وجرجرتك أكثر من اللازم»، بل حتى إذا القيت التحية لأحدهم الرد يكون فقط مرحب وفي بعض الأحيان إشارة فقط، ماذا يضر إذا أحسن التعامل مع المستفيد أو الزبون أياً كان مسماه، بأخلاق حسنة وفاضلة دون المساس بالآخرين وحقوقهم. قمة التواضع: لا بد أن نعلم أننا مفوضون في هذه الدنيا وعلينا أن نيسر ولا نعسر ومن تواضع لله رفعه. صعد عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يوماً إلى المنبر، وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «أيّها النّاس لقد رأيتني ومالي من أكال بأكله الناس إلا أن خالاتي من بني مخزوم، فكنت استعذب لهنّ الماء فيقبضن لي القبضات من الزّبيب، ثم نزل عن المنبر»، فقيل له: «ماذا أردت إلى هذا يا أمير المؤمنين؟».. قال: «إنّي وجدت في نفسي شيئاً فأردت أن أطأطيء منه».