كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن بوابة السودان الإلكترونية والتي افتتحها أمس نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن، وهي نتاج جهد وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وربما كان واحداً من الأسباب وراء الإبقاء على وزيرة الاتصالات د. تهاني عبد الله عطيه في منصبها، هو استكمال ملف البوابة وعدد من الملفات المهمة التي بدأتها بالوزارة منذ قدومها، وربما فطنت الحكومة إلى أهمية تغيير الطريقة الرتيبة التي تدير بها عدد من الملفات والمشروعات، خاصة أن البوابة تعتبر الواجهة الرئيسية للحكومة والمعبر الأساسي لجميع الخدمات الإلكترونية التي تقدمها المؤسسات الحكومية، وهي عبارة عن موقع إلكتروني يجمع المعلومات من مصادر متعدّدة بطريقة موحدة، فبوابات الحَوْكمة الإلكترونية هي القناة الأكثر شهرة لتقديم الخدمات الحكومية عبر الإنترنت وتقوم بتسهيل التعامل بين الأفراد والشركات والمؤسسات، و تتوفر بها المعلومات الأساسية عن السودان وكل ما يحتاجه المواطنون والزوار وقطاع الأعمال من معلومات وخدمات مصنفة حسب احتياجات زائر البوابة، وعبرها يتم تحصيل رسوم الخدمات بواسطة منصة الدفع الموَحد المعروفة باسم سداد. والبوابة كما ذكرت الوزيرة تهاني في المؤتمر الصحفي الذي سبق افتتاح البوابة، «إنها أنشئت بغرض توفير وتسهيل المعلومات عن السودان، حكومة السودان، المؤسسات الحكومية السودانية، قوانين السودان.. وتبسيط التواصل والتفاعل بين الحكومات الفدرالية والولائية والمجتمع المدني بجانب الاستفادة من التكنولوجيا لتوفير المال و تقليل الزمن، وتحسين صورة السودان خارجياً». مما لا شك فيه أن المشروع ليس سهلاً وتحقيقه لغاياته لن يتم بسرعة وبشكل أمثل، وذلك إذا مانظرنا إلى أن إمارة دبي أطلقت مبادرة الحكومة الإلكترونية في أكتوبر من العام 2001 بطرح 14 خدمة حكومية إلكترونية، في حين وصل عدد الخدمات المتطورة التي تقوم بتوفيرها حالياً عبر البوابة إلى حوالي 600 خدمة، كما أن مشروع الحكومة الإلكترونية مشروع مكمل للخدمات الحكومية التقليدية، حيث أنه لا يمكن الوصول إلى تقديم خدمات حكومية بصورة إلكترونية 100%، نظراً لأن بعض الخدمات تتطلب الحضور الشخصي والقيام ببعض الإجراءات اليدوية التي لا يمكن الاستغناء عنها لإنجاز بعض المعاملات. لكن اللافت في حفل الافتتاح هو الإشارات التي أطلقها نائب الرئيس بخصوص المشروع، خاصة في ظل الحظر التكنولوجي المفروض علي البلاد، والتي كانت أهمها مساهمة البوابة الإلكترونية في تجويد العمل وتوسيع الشفافية ومنع التجاوزات ولعل الحكومة أحوج ماتكون لتحقيق هذه الغايات لتغلق باباً ظل على الدوام يدخل هواءً ساخناً يلفح وجه الحكومة أمام الرأي العام والخاص بحدوث التجاوزات وإبطال مبدأ الشفافية، وذلك أن الخدمات التي تقدمها البوابة تتمثل في تقديم معلومات متكاملة عن السودان بشكل عام، وتشمل كذلك «دليلاً للخدمات» لمساعدة الأفراد في الوصول إليها، كما توفر مجموعة ضخمة من الخدمات الإلكترونية التي وفرتها أساساً الدوائر الحكومية مثل الخدمات الصحية خدمات التعليم خدمات الدفع الإلكتروني الخدمات التجارية. المهم جداً من المشروع، وهو ما ذهب إليه نائب الرئيس في كلمته وهو تخلص الحكومة خلال الخمس سنوات القادمة من استخدام الورق، وهي خطوة خطتها دول عديدة منذ سنوات خلت بعد أن أغلقت باب الأمية الرقمية، ويلاحظ أن عدداً من المؤسسات قطعت شوطاً في ذلك مما ساعدها في تقديم خدمة متطورة للمواطن مثل الهيئة القومية للكهرباء وشركات الاتصالات حيث عملت علي توفير الجهد والوقت والمال وهي المطلوبات التي ينشدها المواطن، وفي هذا الصدد استدلت وزيرة الاتصالات بتحقيق كثير من الأعمال والإنجازات بفضل العمل الإلكتروني وضربت مثالاً بالتقديم الإلكتروني للجامعات والحج والخدمة الوطنية والرقم الوطني وأخيراً أورنيك 15 الإلكتروني ونافذة السداد، خاصة وأن المواطن ملّ من السلحفائية التي أصبحت سمة ملازمة لأداء الخدمة المدنية وأثرت على الإنتاج والإنتاجية، ومن المؤكد أن د. تهاني تدرك في قرارة نفسها ذلك المشكل. ولذلك نوهت إلى أن إطلاق المشروع بهدف تسهيل الحصول على المعلومات ونشر البيانات وخدمات القطاع الحكومي بطرق سليمة وسريعة وفعّالة، مما يوفر المال والزمن. ومهما يكن من أمر يبقى التحدي في المساهمة في قيادة التحول نحو مفهوم المواطن الرقمي عن طريق سد الفجوة الرقمية بين الأجيال الجديدة التي ولدت في يديها التقنية، و بين الأجيال القديمة التي لم تواكب بعد التطورات التقنية، والأمر ينطبق كذلك على الخدمة المدنية بالدرجة الأولى.