في مؤتمرها السنوي الثاني لأنظمة البيئة والسلامة والصحة المهنية الذي انعقد بفندق كورنثيا في الخامس عشر والسادس عشر من يونيو الماضي، ناقشت شركة ساسيو الداعية لذلك المؤتمر عدداً من الأوراق العلمية وأصدرت عدداً من التوصيات من بينها تخصيص كلية للهندسة البيئية . ورفعت تلك التوصيات للسيد وزير البيئة والموارد الطبيعية والتنمية العمرانية.. لقد وقف المشتركون في ذلك المؤتمر على التجربة الرائدة لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث بأبي ظبي، التي قدمها الدكتور المهندس أحمد محمود شريف . وأوضح فيها ما يقومون به في مجال التوعية البيئية الشاملة وأنظمة السلامة والصحة المهنية.. ولما كانت جامعة المغتربين قد بلورت دراسة إقامة كلية للهندسة البيئية، فقد تبنى السيد وزير البيئة ذلك المشروع ووعد بالجلوس مع إدارة جامعة المغتربين للتفاكر ودفع المشروع لتحقيق الأهداف المرجوة منه في ذلك المجال. وفي مقترح جامعة المغتربين خطة تتضمن إشراك عدد كبير من الجهات ذات الصلة المباشرة مثل مصلحة الإرصاد الجوي في وزارة البيئة والغابات والمجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية ووزارة التخطيط العمراني والصرف الصحي والصرف السطحي. وأساتذة من كليات الهندسة المختلفة من جامعة المغتربين، وأساتذة في علم السموم البيئية، وذلك لصياغة منهج أكاديمي تنشأ بموجبه أول كلية للهندسة البيئيةEnvironmental Engineering وقد تم الإتصال بالدكتور عبدالله خيار مدير الإرصاد وبالبروفيسور عدلان شمبول عميد كلية الهندسة بجامعة المغتربين، والدكتور عمر مصطفى عبدالقادر الأمين العام للمجلس الأعلى للبيئة، والدكتور كمال الطيب يس بكلية الهندسة الكيميائية بجامعة الخرطوم، والدكتورة رانية محمد خير خبيرة السموم البيئية، وسيتم الإتصال بمدير قسم البيئة بوزارة النفط وغيرهم، حتى يتم وضع منهج متعدد التخصصات وفقاً لاحتياجات كل قسم، وحتى ينخرط الطلاب في دراسة مناهج هم يدركون سلفاً أين ستقودهم كلٌ حسب رغبته لأن البيئة متعددة الجوانب والاحتياجات. وهذه تمثل نظرة جديدة في إنشاء الكليات التي تتعلق بحاجات المجتمع الفعلية، والمبررات الحقيقية التي تدعو لإنشاء هذه الكلية أو كليات أخرى بمفهوم جديد تتلخص في الآتي: إن نظم التعليم الجامعي القديمة لم تعد قادرة على توظيف التعليم العالي في جميع الدول وليس في السودان وحده توظيفاً يستوعب هموم العصر، مما جعل الدول تتجه إلى البحث عن استراتيجيات مرنة لها القدرة الذاتية الكافية على إحداث التغيرات المتطلبة، وامتصاص احتمالات المستقبل بشكل فاعل، وفقاً لما ذكره الدكتور الفين توفلر (1981م) في كتابه (صدمة المستقبل) كما أن التعليم الجامعي نفسه إستناداً على الفلسفات القديمة تحول إلى عنق زجاجة لا يتسع للأعداد الهائلة من الطلاب الناجحين الذين يفشلون في الحصول على أماكن وسط ذلك (الماراثون) الثقافي الهائل، الذي يقام سنوياً قبل الدخول للجامعات. وقد انحصرت معظم الدراسات التي أجريت في معالجة المشكل الأول، وذلك برسم أهداف جديدة للتعليم الجامعي ومحاولة ربط التعليم بخطط التنمية القومية في سبيل استخلاص مبرر اقتصادي للتعليم الجامعي، في وقت ارتفعت فيه تكلفة البرامج الدراسية الإجمالية ارتفاعاً كبيراً. وللتغلب على المشكلة من وجهها الثاني لجأت الدولة الى التوسع الهائل في الكم التعليمي، وذلك لاستيعاب ما يمكن استيعابه من ناجحين في الشهادة الثانوية فأنشئت الجامعات والكليات الجامعية ووضعت خططاً للتعليم الأهلي والأجنبي للدخول في هذا المشروع القومي الكبير. إن كل تلك المؤشرات تستدعي إحداث تغييرات جوهرية في الركائز التعليمية لمستقبل متغير بصورة ديناميكية، نحن لا نستطيع أن نقف على رصيفه متفرجين غير آبهين بما يحدث حولنا. وإزاء هذه الظروف التي تلقي بمتطلباتها على التعليم العالي ولا يمكن تجاهلها، يأتي دور الكليات في المراجعة المستمرة لتنفيذ وتخطيط البرامج التعليمية على أساس التميز والتفرد حتى تخدم مجتمعها الخدمة الفاعلة، وأن تصمم مناهجها وفقاً للتوجه العالمي في ربط التعليم العالي بالاحتياجات الفعلية للعمالة في المجالات التقنية الرفيعة JOB ORIENTED PROGRAMMES دون أن تتسبب في عطالة واضحة وعطالة مستترة.. كما يجب أن يكون إعدادنا للكوادر المدربة مرتبطاً بعلوم المستقبل كما نادى بذلك الدكتور الفين توفلر. إن إنشاء كلية للهندسة البيئية بجامعة المغتربين يدخل مفهوماً جديداً ويحقق التمييز والريادة المرجوة لهذه الجامعة وللوطن ككل.