كنا مشوقون في الماضي، إلى أفلام ومسلسلات من شاكلة مرتفعات وزرنج، وغادة الكاميليا، أو الجذور لأليكس هيلي، وليالي الحِلمية، لأُسامة أنور عُكاشة»..هذا قبل أن تنعتني بناتي، بأني «دقّة قديمة»، ويفرضن علي في رمضان وفي غير رمضان، متابعة المسلسل التركي «حريم السُّلطان»..! منذ ظهور هذا المُسلسل حريم السّلطان في العام 2013م، و أنا لا أتمكن من مُشاهدة نشرة كاملة للأخبار، إلا بعد تكشُّف مؤامرات السُّلطانة «هُيام» ضد محظيّات السلطان ، وتلاعبها ب «مُفضّلات» الأُمراء الرّامِشات،، وكل هؤلاء يعيشون عيشة السواد، داخل قصور الدولة العثمانية، حيث «كل زول يحَفِرْ للتاني»..! وأنا أتابع مُكرهاً هذا المسلسل، تتوالد لديّ حبال الدّهشة، من أن كل هذا البراح الذي يُحظى به سلطان العالم في ميادين النساء، لا يجلب إليه أي نذر من السّعادة والهناء، بل على العكس، يجلب عليه الكثير من البؤس والشّقاء.. ولعل الدراما هنا، لامست الحقيقة، حين جعلت جميع أبناء السلطان من الذكور، عرضة للقتل، لكي يبقى الموعود بالعرش وحيداً،، ربما ينازل أبيه على العرش، إن لم يتنازل له..! فهل للسلطان أي سلطان في هذه الدنياً حظاً من الحياة البهيجة وهو يرفل، كيف شاء داخِل «الحرملِك»..؟ وهل للسلطانة أي سُلطانة في هذا العالم سعادة باقتناء الجواهر والذهب، وهي أسيرة داخل قفص القصر، تحت عيون الحراس والأغوات..؟! وهل للأغوات أوللباشوات حياة كالحياة، وهم يدخلون قصور الخلافة، بعد تجريدهم من أعزّ عزيز...!؟ ثم أن هذا، ليس هو المسلسل التركي الوحيد الذي ملأ الدنيا وشغل الناس.. هناك مسلسل «مهنّد ونور»، وهو أيضاً من الأعمال الدرامية، التي فُرضت مشاهدتها علي عن طريق الأغلبية الميكانيكية، طالما رضيت أنا بخيار الديمقراطية، وأبقيت نفسي داخل هذه الحيطان في انتظار سماع نشرة الأخبار ..! لقد رأيت، في المسلسل المذكور أعلاه، فتى حالماً يُقال له مُهنّد..! كائن رومانسي جداً،، ولا همّ له ولا مَشْغَلة في هذه الدُّنيا غير تزويق النظرات، ومجالسة البناويت والتّهامُس معهن، بأحاديث مستغنِجة، كأنّها شقشقة العصافير..! وبطريقة ناس بلدنا، فإن مهنّد هذا، أبداً ما وقعْ ليّ..! فهو من وجهة نظري «زول ما عِندو شغلة، غير القُعاد في الضّللة»..! وأغلب الظنّ عندي، أنّ مثل هذه«الرّمتلة» التي برع فيها مهنّد وأمثاله، هي التي جلبت علينا الدّعشنة وأخواتها ..! لم ينتهِ مسلسل «حريم السلطان»، حتى وجدت نفسي أسيراً، لثلاث مسلسلات تركية جديدة، هي «فريحة.. أي نعم فريحة»..!، ومسلسل آخر بعنوان :«أحْببتُ طِفْلة»..! ثم آخر «أحببتُ أعمى»..! أي والله، زي ما بقول ليك ..! وكل هذه المسلسلات، التي تنتهي حلقاتها بنهاية الشهر، فُرِضت عليّ مشاهدتها، ما دُمت قابعاً داخل البيت، منتظراً فرصتي لمشاهدة أخبار المساء..! وليت الأمر توقف الأمر عند هذا الحدّ... فمنذ عام مضى، ظهرت «ملِكة جانسي»، ووجدت نفسي أتعرّف على الأُستاذ تاتيا، وعلى «لكشمباي» نفسها..! وبعد قليل، كِبرت الشغلانة، و جابت ليها نضال ضد الإنجليز، وجابت ليها عمل سري، وعمل عسكري، وحبُّكانات لا يمكن أن تتخلص منها الدّراما الهندية إلى أبد الآبدين..! كل هذه الدّراما مفروضة عليّ، وكلّما أعيد مسلسل في قناة، تم نقل القناة الى باقة القنوات المُفضّلة...هكذا وجدت نفسي في رمضان مكتوفاً بتفانين سياسة التتريك هذه.. وللعلم، فإن تفانين سياسة التتريك هذه، لم تتوقف عند اغراق بلداننا بالمسلسلات دون البضائع الأخرى، فهناك أصناف لا تُحصى من «الأردوقان» التركي الذي يتم تصديره عبر «كوباني»..! وللعلم، ستبقى سياسة التتريك فينا، إلى أمدٍ ليس بالقصير، نظراً لإنشغال الإمبراطورية الفارسية، بملفّها النووي.. فأسألوا أهل الذِّكر يا سادتي: لما ينشغل عَسس مدينتنا، بتغطية نقوش الحِنّاء في أجساد النساء، ولا ينشغلون بتغطية العجز في موازنة الدولة..؟!