إن أي موضوع يخص الطفل في أي جانب من جوانب الحياة هو موضوع حيوي، وعلى جانب كبير من الحساسية والأهمية بكل تأكيد، فما بال الموضوع إن كان يمس جوهر الطفل الفكري والعقائدي، والتأثير على عقله وسلوكه وثوابته الدينية والأخلاقية، ألا يدفعنا هذا أن نولي موضوع كهذا اهتمامًا غير اعتيادي؟ أليس من حق الطفل علينا أن ينال من تفكيرنا وتخطيطنا للغد قسطاً وافرًا من الاهتمام بما يتناسب مع أهمية هذه الشريحة المهمة في المجتمع؟ هذه التساؤلات وما سأقوله بعدها من حديث، ليس هو من بنات أفكاري وليس مزاجياً، ولكنها أحاديث لبحوث ولمناقشات كثيرة، تتحدث عن ما يعانيه الطفل من إهمال، وبالأخص من المسؤولين عندنا عن الإعلام ومن القنوات الفضائية التي يرى بعضها أن تخصيص برنامج واحد هو كل رسالتها تجاه الأطفال، وأن ذلك يعفيها من المسؤولية. الطفل هو مشروع المستقبل لأية أمة من الأمم، ورهانها للغد، واستثمارها الرابح دون شك، وأصبح الاهتمام به من المعايير الأساسية التي تحدد مستوى التقدم الحضاري لأي مجتمع من المجتمعات المعاصرة، وركيزة من ركائز التنمية البشرية، فالطفل اليوم هو السلاح الذي لن يخذل صاحبه مطلقًا، فغدًا لن تكون هناك حاجة للسلاح التقليدي المتعارف عليه، بل إن سلاح الغد هو ثمرة كل جهد يبذل في سبيل إعداد هذا الجيل عقائديًا وفكريًّا وأخلاقياً وسلوكياً وعلمياً وأدبياً لتحمل أعباء المستقبل، وهذا ما قاله العلماء ويقوله الواقع، فهل يا ترى مثل هذه المفاهيم يعلمها المسؤولون عندنا، وهل إن كانوا يعلمونها كانوا لزموا الصمت ووقفوا في مساطب المتفرجين على تنفيذ حكم الإعدام على القناة الفضائية الوحيدة الخاصة بالأطفال، وأعني قناة (سنابل) الحلم الذي ظل يراود معظم الأسر السودانية منذ أمد بعيد وما صدقنا أنه تحقق على يد واحد من أبناء هذا الوطن المهمومين به والمبادرين دوماً لطرق الأبواب العصية على الآخرين، هو الأخ الأستاذ معتصم الجعيلي الذي أكد من خلال تجارب عديدة أنه رجل صاحب رسالة، سخر لها كل وقته وصحته وماله، ولأن نسينا لا ننسى له تجربة قناة (هارموني)، ومن بعدها قناة (سنابل) التي حاول عبرها يقدم رسالة وأن يعيد الطفل السوداني للإرتباط بالجذور والقيم الوطنية السودانية وتنمية قدراته، بعد أن أصبحت ثقافة أطفالنا مصادر متعددة أهمها اسبيستون، ولن نبالغ إن قلنا (زي الوان) وغيرها. إن الحديث عن ما يتعرض له الطفل السوداني من ظلم ثقافي وإعلامي لا تحده حدود، وليس له سقف، ولكن يفرض علينا أن نسأل بالصوت العالي ونوجه سؤالنا أولاً لوزير الإعلام ومن بعده وزير الثقافة، لماذا أوقفت قناة سنابل، وهي التي أكد أهميتها ودورها الكثير من الخبراء، وهي التي حازت على إعجاب الكبار قبل الأطفال.. لماذا. ولمصلحة من؟