٭ واليوم يا أحبة نحن في حضرة الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل .. جلوساً حفاة على عشب حديقته الأخضر .. أو متكئين على أرائك يحكي لسانها الوسامة والترف والفخامة .. لا يهم إن كنا وقوفاً تحت ظلال شجرة كثيفة الأغصان فارعة ضاجة بالإخضرار ممتلئة بالثمار .. المهم نحن في حضرة الدكتور الذي أصبح ولمدى ستة وعشرين سنة وتزيد من الذين يصنعون أحداث هذا الوطن الجميل .. نحن اليوم لا نتحدث عن جودة وبهاء الصنعة أو قبح و»خرمجة» المحصلة .. حديثنا اليوم تعليقاً سعيداً و»خفيفاً» على تصريح مدوي أطلقه أيام «رمضان» الذي كان مشتعلاً بأشعة شمس أذابت حتى الأسفلت .. كان يمكن أن تغوص في نهره حينئذ ولكن لأن «رمضان» الكريم كان يضرب بقوة على «العظم» وفيه بتنا كما قال ملك البدائع والروائع عبدالرحمن الريح وهو يشكو «عمايل» المحبوب الذي ذهب بجسده الذي زوى وأضحمل فهتف «ودالريح» قائلاً : «ما فضل فوقي شيء غير الروح» الآن نكتب تعليقاً على حديث ماضي أطلقه الدكتور .. وكيف لا نكتب ونحن في قمة أفراح العيد وفي أحشاء «شوال» والقلم يطاوعني تاني للكتابة فقد ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر بإذن الله .. ولكن قبل أن أسعدكم أحبتي بتقديم الدكتور دعوني أغوص عميقاً وأتجول منتبهاً في عقل وقلب وبين أضلع الدكتور .. لأقول أنه يحمل روحه وفي نفس الوقت يحمل «ضده» هو وديع أنيق وشرس عنيد .. إنه أحياناً كنسمات السحر التي تنعش الأرواح والأزهار والأغصان وأحياناً كعاصفة أبو قطاطي لتعمل فينا تصريحاته ومفرداته «سواة العاصفة بي ساق الشتيل الني» .. هو أحياناً يهمس في أناقة بمفردات بديعة وعذبة تنطلق وتتدفق نهراً من الفضة المذابة رقراقة .. وبعد يوم أو يومين يطلقها أكثر عنفاً وعنفواناً من سيل «وردي» الذي «وكت يكسح ما يفضل شيء .. هو يا أحباب يذكرني أبداً بروعة القلم المحفور في «مخي» «دكتور جيكل ومستر هايد» .. وإن شئتم الدقة فالرجل أحياناً تكون تصريحاته وكلماته وحروفه أكثر هدوءاً وانسياباً من نهر «الراين» وعندما تتلبسه الحالة «النافعية» يكون أكثر شراسة وخرطاً من «الأطلنطي» ذاك الذي غضب يوماً فأغرق حتى «تايتنك» فذهب مبكياً على شبابه الوسيم الجميل الأنيق «ليوناردو دي كابريو». ٭ ولكن ماذا قال الرجل .. الآن أربطوا الأحزمة .. بل استعدوا لنصلي معاً صلاة الشكر شكراً لله الذي أجرى على لسانه أصدق كلمات وأبهى حروف منذ أن عرفنا «الإنقاذ» وحتى يوم الناس هذا .. في لحظة تجلي .. بل في لحظة صدق مع النفس .. فقد قال الرجل مستوحياً رقابة ضميره والخالق .. قال : «إن أكتر من ثمانين بالمائة من الشعب السوداني ليست لديهم علاقة بالأحزاب .. وهنا دعوني أقول وبعد أن أدمى كفي بالتصفيق .. أقول لدكتور مصطفى .. برافو برافو ولقد صدقت والله صدقت .. إنه إعتراف شاهق .. وإنها حقيقة لا تتناطح فيها عنزان .. وهذا ما نفسره لاحقاً .. ٭ إذن دعونا «نمسك» في هذا التصريح الفصيح «زي الأعمى المسكو عكاز» ولكن ذلك يحتاج منا إلى أن نحول تعليقنا على حديث الدكتور إلى حصة «حساب» رصداً وشرحاً وجمعاً وطرحاً لنصل إلى النتيجة الختامية والتي يهمنا فيها فقط عدد عضوية الأحبة في المؤتمر الوطني حسب تصريح الدكتور الحبيب مصطفى عثمان .. الحصة الأحد القادم.