ها أنذا امتطي صهوة قلمي وأكتب اليك كما وعدت... عزيزتي السمراء التي تذكرني بتلك الأغنية الرائعة التي تقول ولا هذي ولا تلك ولا الدنيا بأجمعها تساوي ملتقي النيلين في الخرطوم يا سمرا، فقد صحوت من نومي اليوم في تلك المدينة التي يسمونها اكبر قرية في أوربا، وقلبي مليء بالحب لكل الناس بعد أن استلمت رسالتك وقرأتها قبل لحظات وأمعنت في تلك الهدية الرائعة المتمثّلة في صورتك، والتي نظرت اليها واستحضرني قول الشاعر عيناك شحروران ساقهما إعصار حرمان لأعتابي راحا بمنقارين من زغب يتوشوشان لينقرا بابي ما عليك عزيزتي فقط أردت أن أحكي لك اليوم بنعمة الأمان الذي تشعرين به في وطننا الغالي، والذي نفتقده هنا في بلاد الغرب ، فقد قمت بالذهاب الى البقالة المجاورة واشتريت بعض الأشياء من بينها شوكولاتة، وفي طريق عودتي وبالقرب من باب منزلي رأيت ابن جارنا البالغ من العمر خمس سنوات قمت بمداعبته، والحديث معه في أشياء تسره، وقبل أن ادخل منزلي أعطيته قطعة الشوكولاتة التي اشتهيتها لنفسي، وأقفلت الباب على أخلد في سريري لبعض الوقت. عزيزتي لا أطيل عليك فقد سمعت جرس الباب يدق بصورة مزعجة فقمت مهرولاً لأرى اي خطب جلل قد ألمَّ بي، وعندما فتحت الباب وجدت جاري يحمل قطعة الشوكولاتة، ودون أن أبدأ بقول اي شيء بادر قائلاً أيها الرجل الأسود تريد أن تقتل ولدي الوحيد بقطعة شوكولاته، إياك أن تفعل هذا مرة أخرى وإلا سأبلغ الشرطة والقي بالشوكولاتة في وجهي ومضى.... عزيزتي هذا هو جاري الذي لم اتحدث معه طيلة التسعة أشهر الذي أعيشه في هذا المنزل، وهذا هو حالنا هنا.. كل ما أرجوه منك عندما تقرأين هذه الرساله أن تقومي بإهداء خالتي علوية جارتك المحبوبة شيئا ما تذكرني به.. هذه أمه تفتقد الأمان وتوجس الخوف في كل شيء رغم الحضارة التي بلغوها.. ولا شيء ما يستطيع إعادته لإنسان يعيش حياة خالية من الروحانيات. عزيزتي اختم رسالتي بالمقولة الأغنية وصوني عليك وعلى سابع جار وانت أقرب جار وأرجو أن قد استحضر ذهني تلك الأغنية صحيحاً