هؤلاء «أولاد الّذِينَ»، و أصحاب السمينة.. هؤلاء يعرفون من أين تؤكل الكتف، وقد أدرك جهدهم الامام، الذي كان مليحاً معهم على الدوام..! فهو الذي قدّم كوادرهم للصلاة، في محراب الاتحاد الاشتراكي بعد أن عقد الصفقة باسم الجبهة الوطنية، في بورتسودان، مع المرحوم نميري في 7/7/77 .. كان الإمام كدأبه دون كوادر ودون برنامج، لأن حزبه وانصاريته ومؤلفاته، تُختزل كلها، في ذاته وأهل بيته، لهذا لم يكن له دور في المصالحة الوطنية، غير تمهيد زحف اخوانه «أولاد الّذِينَ»، على مفاصل الدولة.. وخلال عامين فقط، تمكنوا- كما هو معلوم- من السيطرة على العديد من المصارف والبنوك، والشركات، والتي وصل تعدادها إلى 517 شركة مسجلة.. و بينما ادّعى الإمام الهجرة الى حيث هو الآن، من أجل النضال ضد كامبديفيد، كان المال الخليجي يتوافر في أيادي «أولاد الّذِينَ».. ولا يصدنّك عن الأسى ما تسمعه من تصريحات بأن هناك اتّجاهاً خليجياً، يسعى الى وضعهم ضمن قائمة المنظمات الارهابية.. فذاك «اتّجاه» لا يرقى إلى درجة الفعل الحاذق، فأولئك ليس لهم من قيم الحداثة وثقافة العصر غير نسخة «التأصيل» التي طُبِقَت فينا..! هذا وضع سيبقى حتى حين، وليس للإنسان إلا ما سعى،، لذلك سيتواصل الدّعم، بينما تغزل اليد الأُخرى نسيجها..! فلا تكن يا عزيزي مثل جماعة المعارضة السودانية، الذين يُعجِزون الآخرين بطلبات لا يقدرون عليها،، فعندما قامت الانتفاضة ضد نظام مايو، لم تتجرأ قوى الانتفاضة- المعارضة الحالية- على تصفية تلك الشركات التي قلنا إنها «كانت» 517 شركة.. حينها انبرى قائدهم الإمام لتقديم التحفيزة الثانية لاخوانه «أولاد الّذِينَ»... فإذا كان السودانيون الذين اشعلوا الانتفاضة قد سلّموه السلطة، لأنه قال عن قوانين سبتمر إنّها «لا تساوي الحبر الذي كُتِبت به»، فإن الامام قد سلّمها لهم، بعد أن استحال تجفيف المنابع على المنتفضين..! وهكذا تضخمت الثروات، فقفز «أولاد الّذِينَ»، قفزتهم الثالثة، شاكرين ومقدرين لجهود الإمام الذي هيأ لهم سبل الحيازة لمليارات الدولارات من أموال البترول، ومن غيرها..! ومع السماح لشاغلي المناصب الدستورية بالعمل التجاري، ستضحك كثيراً وكثيراً جداً، حين ترى أن «أولاد الّذِينَ»، قد صاروا كبارا، بما يملكون من أساطيل جرارة ومزارع مدرارة، وطاقات عاملة..! أصبح أصحاب «الرسالة» يملكون السلطة والثروة والسلاح، فغزت عقولهم الأحلام، و «تمكّنت منهم شهوة السلطة» التي وصفها شيخهم، بأنها أقوى من شهوة الجنس..! وهكذا، أصبح كل واحد منهم أميراً في إدارته، ومالِكاً في وزارته، ووراثاً في ولايته، ومستثمراً لا يُشق له غبار، في معتمديات/ محليات الحاكم بأمر الله..! هكذا صارت لكل واحد منهم شوكة، وأظافر، وعيون، وحُرّاس، وجوقة من حارقي البخور، وكورجة من الهِتّيفة، وقائمة من المُدّاح، ولفيف من المُدلِّكين، وفصيل من المُحللين، وطائفة من الصحفيين الاستراتيجيين..! ثمّ دبت فيهم الصراعات بعد ذلك، أو كما قال «كزانتزاكيس» لأولاده الهلوعين، الذين لا يشبعون أبداً: اشكروا الله على عدم وجود عشاء بالمنزل... أحمدوا الله أنكم لم تتعشوا.. أنكم إن تعشيتم، فستقلبون هذا البيت رأساً على عقب..! وهكذا دائماً يكون شبع«أولاد الّذينَ»..! فاحذروا من شبع بعد جوع، لا من جاع بعد شبع، فهذا الأخير «عينو مليانه»، لكن من تربي على الجوع فلن يشبع..! هكذا نشأت سلطة الأباطرة الذين تعملقوا.. ومن هنا جاء الباعوض الى العالم..!! فكيف تكافح لوحدك- يا قرّة عيني- هذه «الغائلة»..؟! كيف تحول بينهم وبين «العَضّة» إذا كان الإمام بنفسه، قد تأهبَ مرة أخرى، لإبرام الصفقة..؟!