في خواتيم العام 2003 كان وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز ينظر في أغرب شكوى.. فحوى الشكوى أن حكومة السودان تظلم شعبها الصابر.. مجموعة من رجال الأعمال السعوديين اشتكوا الأمير الوليد بن طلال الذي احتكرت احدى شركاته صادر الثروة الحيوانية القادم من السودان.. الشركة العربية لتجارة الماشية كانت تقول إن خطوتها الاحتكارية خفضت أسعار الماشية السودانية في الاسواق السعودية.. الحقيقة تقول إن الأمير الثري كان يضع نحو ستمائة دولار كربح على كل طن مواشي قادم من السودان.. بل في أحيان كثيرة يغلق السوق السوداني الذي يملك مفاتيحه حتى تنتعش وارداته للسعودية القادمة من دول أخرى كالصومال وإثيوبيا.. لم يتعاف الصادر السوداني من تلك الخطوة حتى يوم الناس هذا.. وكان الخبراء يتساءلون كيف تمنح دولة راشدة مثل هذا الامتياز لرجل واحد.. كلمة السر كانت في الشريك المحلي.. أو بمعنى واسع الزول السوداني المستفيد من تلك الصفقة. أمس نشرت الزميلة الرأي العام حوارا مع دكتور يوسف السماني وكيل وزارة المعادن.. الحوار كان بشكل كامل عن الاتفاق الذي وقعته وزارة المعادن مع شركة سبيريان الروسية.. الوكيل استغرب من الضجة التي صاحبت هذا العقد الذي تبلغ قيمته- حسب الوكيل نفسه- مئتي وثمانين مليار دولار..العقد كان مسرح توقيعه بالقصر الجمهوري بحضور سياسي وإعلامي كثيف.. هل كل العقودات مع الشركات الأخرى حظيت بهذا الزخم. الوكيل السماني حاول التشكيك في مقدرات وقدرات الخبير محمد احمد صابون الذي احتج على الصفقة واعتبرها مجرد سراب.. أوضح الوكيل أن الوزارة وقعت عقداً عمره ثلاثين يوماً مع المستشار صابون.. هل كان المطلوب من هذا الخبير حفر بئر في ثلاثين ليلة.. ولماذا تم توقيع عقد بهذه الغرابة.. دكتور صابون خبير في مجال الجيولوجيا والتعدين، هذا أمر لا يختلف عليه اثنان.. الشركة الروسية رفضت حضوره الاجتماعات ولو بصفة مترجم.. ألم يكن ذلك مؤشراً لسوء النية من جانب تلك الشركة.. لنفترض أن صابون ليس له اي صفة وظيفية مع وزارة المعادن، أليس من حقه أن يمارس دور المحتسب. دعك من المستشار صابون وزير المعادن السابق الدكتور عبدالباقي الجيلاني أكد في حديث مع آخر لحظة أن تقديرات الشركة الروسية لا يكمن أن يقبلها عقل.. وكيل الوزارة نفسه لم يجروء على الجزم بصحة تلك التقديرات.. بل في أكثر من مرة ردد عبارة (الموية تكذب الغطاس).. هل المطلوب من شعبنا الصابر أن ينتظر عدة سنوات ثم تعتذر الوزارة بمنطق أن الشركة لم تحسن السباحة. أخطر ما في معركة سيبريان أن كلمة السر غير متاحة للناس.. مالك الشركة الروسية المنقبة قال: إن له شريك وطني- وذلك في حديثه للزميلة السوداني نشر امس- وكيل وزارة المعادن نفى المعلومة، وقال إنه لم يرَ شريكاً وطنياً في كل مراحل التفاوض ولحين توقيع العقد.. هنا السؤال المحرج من هو الشريك الوطني ولماذا يخفي هويته.. وكيف لا يظهر في كافة مراحل التفاوض في صفقة بهذا الحجم.. من جانب آخر اعترف الوكيل أن باب السمسرة ليس موارباً في مجال التعدين في السودان. بصراحة.. الشفرة ستتضح أن علمنا من هو الشريك الوطني.. ابن حلال يفتح الباب وسلامته الشخصية ليست مضمونة.