٭ عندما كنا نتحدث منذ زمن طويل وحتى الأيام القليلة الماضية عن ما تتعرض له الهوية السودانية من تشويش وتشويه عبر بعض الغناء المتداول في الساحة والثقافات الوافدة التي زلزلت المجتمع وهزت كيانه، كان البعض يسخر من حديثنا بإعتباره مجرد «تهويل» وكلام في«الفاضي» وعدم موضوع، وأننا نمثَل دور البطولة في مسلسل عنوانه «الفاضي يعمل قاضي» . ٭ عندما كنا نتحدث عن تأثير تلك اللونية السيئة من الغناء، وعن قلة من شبابنا وقعوا أسرى في حرب الثقافة التي شنت علي بلادنا بأسلحة الفضائيات ودعاوى الموضة، كانت وزارة الثقافة تغط في نوم عميق وكانت وزارة الإعلام تمارس هوايتها القديمة ونظريتها الغريبة «لا أري ، لا أسمع ، لا أتكلم» ومجلس المصنفات في واد من الصمت عجيب، ولا عزاء لمجلس المهن الموسيقية والمسرحية. ٭ في ظل هذه الأوضاع لم نكل ولم نمل «الآذان في مالطا» ولم يجف لنا مداد أو تفتر ليراعنا عزيمة، لإيماننا التام أننا لا «نهول» ولا نكذب ولا نتجمل . لذلك نجد أنفسنا في فرح ونحن نرى الصحوة التي إنتظمت الجهات المعنية، من مجلس مصنفات ونقابة مهن موسيقية ومسرحية وحتى قبة البرلمان، والكل يتحدث بذات العبارات التي كنا نصف بها الحال المائل الذي كاد أن يسقط علي رؤوسنا. ٭ فرحنا حقاً وأحد نواب المجلس التشريعي بولاية الخرطوم يشدد على ضرورة تفعيل قانون الملكية الفكرية وتفعيل دور مجلس المصنفات الأدبية والفنية الإتحادي بعد وصفه للأصوات التي تقدم في القنوات الفضائية ب «المنكرة» و«النكرة» وقوله: «لو كان في تشديد ورقابة ما كان ظهروا لينا ديل في الإعلام». عموماً التصريحات والمطالبات وحدها لا تكفي، لأنه لابد من أن تقترن الأقوال بالأفعال، ويتحول الحديث إلى واقع نلمسه ونحسه، ولا أظن أن ذلك بالشئ الصعب إذا ما صدقت النوايا وتوحدت الجهود ، فلا تعجز «مثلاً» وزارة الإعلام أن تراقب وتحاسب كل إذاعة خاصة أو فضائية لم تلتزم بموجهاتها وحادت عن الطريق الذي رسم لها في محضر التصديق الذي منح لها للبث، ولا تعجز وزارة الثقافة أن تفعل دور المصنفات في الرقابة والمحاسبة لكل من يتجاوز القانون وينتهك الحقوق.. كله ليس بالصعب، فقط كيف نخلص ونصدق النوايا ونستشعر حقيقة أن ما يحدث هو حرب علي الثقافة السودانية.. كيف؟ ٭ خلاصة الشوف: الحديث عن أغنية «خبر الشوم» لن ينقطع طالما أننا ما زلنا في ذهول مما سمعناه، وبالطبع لا نشك في حسن نوايا الشاعر والملحن هيثم عباس ولا الفنانة ندي القلعة، ولكن ليس هكذا تورد الإبل ولا هكذا تعالج القضايا الإجتماعية الشائكة، فالأغنية تستهدف قلة من الشباب «المريض» وظاهرة نجزم أنها لا تحتاج لأن نوثق لها في أغنية ستتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، لأن شرطة أمن المجتمع قادرة علي وضع حد للظاهرة ولأبطالها «الشواذ». .