المرأة السودانية كتب الدكتور مختار إبراهيم عجوبة كتاباً عنوانه «المرأة السودانية إشراقات الماضي وظلماته».. وصدر الكتاب عن مركز محمد عمر البشير بجامعة أم درمان الأهلية في سنة 2004م.. والكتاب في ستة فصول عن أخلاقيات المرأة، الإشراقات المندثرة، فجر الإشراقات.. المرأة والسبي أي صيف الظلمات، وإسترقاق المرأة أي بحر الظلمات، مع مقدمة في فصل وخاتمة في فصل. قد أعجبني جداً هذا البحث عن المرأة السودانية خاصة.. وإنني بصدد جمع مجموعة مقالات عن المرأة في كتاب عنوانه « النعمة امرأة ».. وسوف أقدم هذا الكتاب هدية للمرأة السودانية المحترمة الوقور.. ويقوم كوكبة من رموز المرأة بتقديم الكتاب، الدكتورة فاطمة عبد المحمود الوزيرة السابقة ورئيسة كرسي المرأة بالأمم المتحدة، والأستاذة رجاء حسن خليفة رئيسة اتحاد المرأة السودانية، والدكتورة بروفيسور بخيته أمين عميدة الصحافة، والأستاذة بثينة خضر مكي الشاعرة والأديبة ورئيسة رابطة الأديبات السودانيات.. وطالما إنني أكتب عن النعمة امرأة، وأعمّق مكانة المرأة في قلب الرجل نفاذاً منه إلى صفحات التاريخ.. فإنني سوف أهتم بالإشراقات والكتابة عنها.. أما الظلمات صيفاً وبحراً فسوف أتركها للزمن وأغض الطرف عنها صاعداً فوق الإحن والمحن مقدراً دور المرأة التي لا أتخيل كيف كان سيكون العالم بدونها.. من أي أم كنا سنولد؟.. ومن أي امرأة كنا سنتزوج؟.. ولأي امرأة كنا سوف نكتب عن الحب ولهاً والعشق جنوناً.. ومن كان سيكون مجنون ليلي؟.. وبأي خليقة يجن؟.. وكيف كان سيتم الخلاص على يد الطاهرة مريم العذراء؟.. وإلى أي شخص كان نزار قباني سيكتب قاموس العشق ويقول للمرأة: أسمعيني جيداً.. أنا في حالة عشق ربما لا تتكرر.. حالة شعرية، صوفية.. رائعة في حزنها.. وأنا دوماً بحزني أتعطر.. إقرئيني جيداً، فأنا أبحث عن قارئة مهووسة تضع الأشعار في معصمها مثل الأساور.. وترى العالم مرسوماً على صورة شاعر. كم جميل أن تضيع المرأة عقلها في حضرة الشعر وتسكر.. وكلما زادت أقاصيص الهوى في بلادي قصة.. تحبل الوردة طيباً.. وهلال الصيف يكتظ حليباً.. ويقول خاتم كلماته: «آه ياسيدة الماء التي تأخذني للينابيع».. وتهديني نجوماً وكروماً وصنوبر.. ألف شكر لعطاياك، فإني عشت في التيه طويلاً.. ثم أصبحت بفضل الحب أخضر. إشراقات المرأة: دعوني أنظر إلى المرأة على إنها إشراقات.. أحياناً ومضات.. وأحياناً تغرقنا في الإشراقات.. دعوني أوجِّه الأنظار نحو المرأة والتي كانت يوماً سقط المتاع.. ولم تكن حتى مجرد رقم من الأرقام.. إن الإحصائيات نفسها لم تكن تسجل أرقام النساء.. حتى المعجزة التي صنعها السيد المسيح وبارك فيها الخمس خبزات والسمكتين، وأكل منها خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد.. لم يذكر عدد النساء، رغم أن الأناجيل الأربعة ذكرت معجزة البركة.. وعند بركة السبع خبزات وصغار السمك، ذكر البشيرون إن الجياع الذين شبعوا وفضل عنهم كانوا أربعة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد. وفي مقدمة كتاب إبراهيم عجوبة يقول: «إن أحداث التاريخ لا تذكر إلا مرتبطة بالرجال، وكأنها من صنعهم وحدهم».. بينما نرى ود ضيف الله في كتابه «الطبقات» والذي اهتم بالفقهاء والأولياء الصالحين، أولى إهتماماً بالمرأة في ثنايا طبقاته اهتماماً يفوق ما ورد في دراسات وكتب من جاءوا بعده.. ويقول الكاتب بالتلميح: إن سجناء المهدية كتبوا أسوأ الكتابات الحاقدة عن المهدية، وكأنه يقول: إن سجناء فكرة دونية المرأة لن يعرفوا أن يكتبوا عنها، والحمد لله المرأة السودانية الآن مساوية للرجل، تطرق كل ميدان.. وينفتح أمامها كل باب للمعرفة الفاضلة، والفلسفة النافعة.. وهذا ما قاله «هولت»، والذي يمثل قائمة بذاتها في تاريخ السودان الحديث. إن المرأة رغم إنها لم تحظى بأي نصيب في التعليم في النصف الأول من القرن العشرين، ولكن هذا لم يحرمها من أن يكون لها تأثير قوي وسيطرة كاملة على الحياة المنزلية والإجتماعية. وكتب مختار عن القبائل البيجاوية أي الهداندوة، وقبائل النوبة دخلت في أجلاف مع القبائل العربية الذين وفدوا إلى بلادنا، وطن السود أو الأساود.. وهنا تأثروا أكثر بمراكز المرأة السودانية والتي وصلت إلى سدة العرش في البلاد، بينما عند القبائل العربية لم تكن لها مكانة تذكر، مما يدعونا إلى القول: إن النساء في النوبة ملكات وفي غيرها موؤدات ينتظرونها عند مدخل ولوجها إلى العالم ويأخذونها لكي تدفن حية.. وطبعاً يدفن فيها خطيئتها وعارها لأنهم لم يدركوا إن «النعمة امرأة» وعرب السودان عاداتهم سودانية.. وجعفر ميرغني أستاذ حضارة السودان يرى أن العرب عندما وصلوا عندنا تخلوا عن النعمة وعن العادات وامتزجوا معاً.. وحدث التمازج الحضاري وتمخضت عن لون جديد من الحياة، فيه للمرأة مكان ومكانة. وفي طبقات ود ضيف الله يكون المؤلف حريصاً على أن يكون إنحدار النسب أبوياً وأموياً، وبينما كان النظام الأبوي يطبق أنفاس المرأة ويؤيد الرجل، فإن النظام الأمومي والذي كان يحظى به السودان، كان يعطي المرأة مكانها، وكانت المرأة ترث حتى عرش الملك، وتمثل المرأة مركزاً محورياً للأنساب في السودان.. كما أن الإقامة في موطن الأم تكسب الزوجة أهمية قصوى.. فالمرأة في حضارتنا السودانية تمثل عنصر الإستمرارية ويقوي الانتساب إلى الأم إذا غاب الأب أو كان الأب غريباً.