«أنت صديق قديم» هي العبارة التي حملت عدة رسائل فهناك من يرى أن الرئيس الصيني شي جين بينغ عندما وجهها إلى الرئيس السوداني عمر البشير كان يسترجع تلك العلاقات السودانية القديمة، وأراد أن يقول إننا لن ننسى ذلك الصنيع، فحينما كانت الصين محاصرة من قبل الأمريكان والأروبيين في ذلك التاريخ 1959 -1960 كان السودان ومصر أولى الدول الأفريقية التي أعلنت اعترافها بدولة الصين وكانت تلك هي بوابة العبور للصين وعضوية مجلس الأمن، فالسودان لعب الدور الأكبر في اعتراف المجتمع الدولي بالدولة الصينية. في تلك الحقبة وبدايات حكومة الإنقاذ كان الاتجاه ناحية الشرق أمر واقع في ظل حصار اقتصادي من قبل الولاياتالمتحدة.. ولم تكن زيارة البشير هذه للصين الأولى، إلا أنها هذه المرة كانت مختلفة تماماً و تصدرت عناوين الصحف السودانية والعربية. وحينما أقلعت الطائرة الرئاسية الاثنين الماضي مغادرة إلى بكين كانت الأنظار تتجه إلى الملفات التي تحملها الحقيبة الرئاسية التي ستضعها على المنضدة الصينية، خاصة في ظل قلق أمريكي واحتجاج على الزيارة. القلق المشروع: واعتبر المحللون السياسيون أن القلق الأمريكي مشروع ومبرر، لكون العلاقات السودانية الصينية أصبحت قائمه على إستراتيجية تهدد مصالح الأمريكان.. ويرى المحلل السياسي البروفسير حسن الساعوري أن الزيارة الحالية للرئيس البشير للصين ستناقش ملف استيراد الطائرات والسفن والسكة الحديد،لافتاً إلى أن الملف الزراعي سيظل الأخطر والمهدد الحقيقي لأمريكا.. ومضى الساعوري في حديثه ل«آخر لحظة» بالقول إنه حال تسلمت الصين الملف الزراعي في السودان، إضافة إلى ملفي البترول والتعدين فإن ذلك يعني أن الحصار الأمريكي على السودان قد فقد مفعوله.. وبالرغم من أن الأمين السياسي لحزب التحرير والعدالة تاج الدين بشير نيام كان قد صرح في حديث تلفزيوني إلى أنه من الممكن أن تلعب الصين أدواراً مهمة للسودان من خلف الستار إلا أن الساعوري رفض تعبير خلف الستار وشدد على ضرورة أن تتعامل الصين بموقف واضح تجاه قضايا السودان داخل مجلس الأمن.. وقال الساعوري من قبل تنكرت الصين للسودان ولم تستخدم حق الفيتو، مطالباً في الوقت ذاته الحكومه السودانية بأهمية استصحاب هذا الجانب في أي اتفاق ستعقده معها. وكان الكاتب الصحفي النور أحمد النور قد سبق الرئيس الصيني بقوله إن الصداقة السودانية الصينية قديمة، وأشار النور خلال حديث لبرنامج الميدان الشرقي الذي تبثه فضائية أم درمان إلى أن واشنطن قد تخطت مرحلة القلق إلى الغضب، وقال النور البيان الذي أصدرته الرئاسة الأمريكية ردة فعل لما حظي به البشير من احتفاء واحتفالات ببكين. الحصاد: وبالرغم من تلك الهواجس والقلق من الإدارة الأمريكية، حصد البشير عدداً من الصفقات الرابحة مع بكين أهمها توقيع البشير على عقد شراء طائرتي إيربص لصالح شركة الخطوط الجوية السودانية «سودانير»، وقطارين لنقل الركاب بين العاصمة الخرطوم ومدينة ودمدني حاضرة ولاية الجزيرة، وإنشاء خط جديد للسكة حديد، وعقد لصيانة الوابورات، بجانب التوقيع على اتفاقية إطارية بين الخطوط البحرية وشركة صينية، واتفاقية أخرى لإقامة مشروع المنطقة الحرة في مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، واتفاقية ثالثة لصالح شركة جياد تقوم على تجميع السيارات و الشاحنات. مزيد من الاستثمارات: والتقى البشير أمس بالعاصمة الصينية بعدد من رجال الأعمال الصينيين الذين لديهم استثمارات بالسودان، وثمن جهودهم في دعم الاقتصاد السوداني، فيما أعلنت شركة الصين الوطنية النفطية عن رغبتها في زيادة استثماراتها في مجال النفط بالبلاد. ويرى المراقبون السياسيون أن الخطوات الصينية الحثيثة تجاه السودان من شأنها أن تؤرق منام الأمريكان.