قرأت مقالاً بقلم البروفيسور مامون حميدة قبل أن يتولى منصب وزير الصحة بالسودان بأن سبب انتشار الايدز في السودان هو ستات الشاي وخاصة الأجنبيات، وبأن البروفيسور مامون حميدة رجل له باعه في مجاله أخذت حديثه مأخذ الجد، ولكن ما اندهشت وجعلني أصعق أنه اتيحت له فرصة أن يكون وزير الصحة ولم يضع حداً لانتشار هذا المرض الخطير. مرض نقص المناعة المكتسب، وحتي الآن لايوجد علاج شافي له، ولكنه أصبح مرضاً يمكن السيطرة عليه ومعظم المرضى في الدول الاوربية والمتقدمة يعيشون حياة عادية بما يشمل حياتهم الجنسية، ولقد صعقت أول أيامي عندما فوجئت في غرفة العمليات بإحدى الفتيات مصابة بهذا المرض، وأحضرت لاجراء عملية تجميل صدر. نحن في مرحلة متأخرة جداً من أن نصل لهذا... فهنا كل من المريض أو الطبيب المعالج يعرف ماذا يفعل . الاحصائيات تقول إننا أكثر دولة عربية إسلامية بها مرض الايدز، وكذلك تقول الاحصائيات بأن نسبة انتقال الايدز بالطرق الأخرى كاستخدام الإبر الملوثة، ونقل الدم الملوث قليل جداً. بقت طريقة واحدة لانتشار هذا المرض في السودان وهي ممارسة الجنس غير الآمن خارج الحياة الزوجية، واواري نفسي خجلاً عندما أذكر ممارسة الجنس في دولة إسلامية. لقد فات أوان أن ندفن رؤوسنا في الرمال ونواجه الحقيقة المرة، وهي أن غالبية ستات الشاي بالخرطوم ليست هولاء الذين ضاقت بهم سبل الحياة ويعولن أسرهن بهذه الطريقة. لا نحتاج الى دليل لصحة ما قاله بروفيسور حميدة إذا علمت أن عددهن في تزايد مستمر، وأصبحت لهن طرق جديدة لجذب الزبائن. في زيارتي الأخيرة للخرطوم اخترت أن أتناول الشاي مع سيدتين اخترتهما بعناية لأتأكد من صحة ما يقال، ولم أكلف نفسي بأن أكمل الشاي إذ أنني بعد سماعي للذي يدور من حديث ونوع الشباب الذين كانوا هناك، تأكدت نظريتي بأن هناك شيئاً أكبر من الشاي يجذب هولاء للجلوس بالساعات وتناول الشاي في جو مشبوه. هنالك كثير من الحديث حول انهن ليست سبباً فقط لانتشار الايدز، بل أيضاً سوقاً لترويج المخدرات. إذا افترضنا أن هذه المهنة ضرورية في سوق العمل ليست لبائعة الشاي بل للدولة التي تحذوا بان تضع يدها على هذه المهنة الهامشية وكلكم قد تكونون على علم بما تخططه الولاية لهولاء السيدات ومهنتهن.. على الجهات المسؤولة أن تفكر في أنهم يخسرون أكثر من مما يجلبون من ضرائب من هذه الشريحة الغريبة . لا أظن أننا نحتاج الى ما يقارب ال 00061 من العاملات في هذه المهنة، فنحن لم نشتهر في التاريخ بأننا ممن يعدون من الأمم المحبة للشاي والمدمنة له، فكلنا تربينا في أسر لا تتناول الشاي أكثر من أربع مرات في اليوم مقارنة بالشعوب التي تتناولها أكثر من عشرين مرة. ولو افترضنا أن كل شيء على ما يرام وإن ما مايقال ماهي إلا شائعات تستهدف هذه الشريحة الضعيفة فهل يتطلب سوق العمل الاستعانة باجنبيات في التزايد أكثر وأكثر، بل والهجرة الى السودان من أجل هذه المهنة. هذه المهنة مربحة أكثر مما نتصور فابحثوا لماذا؟ ويقيني التام إن ماقاله وزير الصحة السابق هو عين الحقيقة ويستحق النقاش أكثر من حديثه عن الضفادع. وقال الذئب الدهشة يا ابن النعجة عكرت الماء علي قال يتيما يا مولاي ولدت قال الذئب قاتلك أنا فابحث أنت عن الأسباب أبحثوا أنتم عن أسباب انتشار هذا المرض في بلد يعالج فيه المصاب به بالمسكنات، ربما يكون أقواها البنادول.