رغم أن الزيارة لسد مروي تبدو فيها شئ من الملل بعد تعدد الزيارات للصرح العملاق ، إلا انها بالامس كانت مختلفة كثير جداً عن سابق زياراتنا ، فبدءً كانت برفقه نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن ثم توجت بكشف حساب لخطة واستراتيجية وزارة الموارد المائية والكهرباء ، لكن اللافت في الزيارة المهمة جداً أن النائب جعل لها بعداً إقتصادياً كبيراً ومن هنا حق وصف الزيارة بالوصف السابق. إختار نائب الرئيس والذي يزور السد لأول مرة ، مرافقيه بعناية وهم وزراء الكهرباء معتز موسي ، الصناعة د. محمد يوسف آدم ، النفط والغاز د. محمد زايد عوض ، الزراعة بروفيسور إبراهيم الدخيري ووزير الدولة بالإستثمار أسامه فيصل ومسوؤل رفيع بوزارة المالية، وقد وقف علي سير العمل في السد وتفقد الخطوط الناقلة للكهرباء .. وبالنظر للوفد تظهر الأهداف الحقيقية للزيارة، فالرابط بين الجميع أنهم يمثلون القطاع الإقتصادي، والذي يشرف عليه نائب الرئيس علي الصعيد التنفيذي والتنظيمي، حيث يتولي رئاسة القطاع الإقتصادي بالمؤتمر الوطني كما أن الرئاسة تولي ملف الكهرباء أهمية خاصة وعقدت له إجتماعات متخصصه علي مستوى المسوؤلين بالقصر برئاسة المشيرعمر البشير. وقد قام حسبو بخطوة مبتكرة حيث أدار حواراً مفتوحاً وشفافاً ومنح جميع الوزراء فرصة الحديث بجانب أعضاء من حكومة الشمالية، وكذلك منح الوفد الصحفي المرافق له سانحة التعليق. سلسلة إقتصادية تعتبر الزراعة والاستثمار والصناعة والنفط سلسلة متكاملة الحلقات شريطة توفر الكهرباء، والتي تجتهد الوزارة القائمة على أمرها في معالجة الملف، خاصة وأن حال إنقطاع التيار تكون عرضة للنقد، وقد إمتدح النائب جهد الوزارة وقال (هم تعبانين شديد ولما الكهرباء تقطع يقوموا فوقهم) .. حسبو والحضور الكبير الذي كان بينهم مجلس وزراء حكومة الشمالية بقيادة والي الولاية علي العوض تابعوا وبدقة العرض المتكامل والمطول الذي قامت به قيادات الوزارة بدءً بإستعراض وزير الدولة بالكهرباء المهندس محمد عبد الباقي سراج للوثيقة الإطارية لتطوير قطاع الكهرباء والذي كشف من خلاله عن زيادة عدد المشتركين سنوياً بنسبة 51% وذيادة الإستهلاك سنوياً بنسبة 11%. وأشار الي خطة عاجلة ، قصيرة للعامين الحالي والمقبل، لمعالجة المشاكل الراهنة في التوليد والنقل والتوزيع. وخطة متوسطة (2017-2020) وتهدف لتاهيل وتطوير القطاع في جميع محاوره.. أما مدير إدارة السياسات المهندس صلاح الدين حسن فتناول استراتيجية القطاع وأعلن عن تغطية جميع أنحاء البلاد بالكهرباء بنهاية العام 2031. تفاصيل خطة كل من قيادات الوزارة كان حافظاً ل (لوحه) ، وقد تناول أحد قيادات الوزارة ملف محطة كهرباء الفولة والمخطط لها أن تنتج (405) ميقاواط بتكلفة (680) مليون دولار وقد اقرت الكهرباء وبكل شجاعة عن توقف العمل، وكذلك قدمت الوزارة تقريراً ضافياً عن مشروعات حصاد المياه، المفارقة كانت في حديث المهندس المسؤول عن الملف والذي قال إن حجم هطول الأمطار سنوياً يقدر ب (400) مليار متر مكعب وقال انها تعادل 20% من حصة السودان من مياة النيل. سر الإنتاج ختم وزير الكهرباء إستعراض طاقم وزارته، وفاجأ الحضور بأن ما انتجه السد منذ إنشائه في مارس 2009 الي اليوم يعادل ثلاثة مليار دولار هي ثمن كلفته مما يعني إسترداده لقيمته بالكامل ن بل أن معتز باهى بالقول : (بلغة أهل التجارة إن الإستثمار كان ناجحاً وأي مشروع يقاس بأهدافه). واكد أن المشروع تفوق علي نفسه بانتاج فاق 30% من سعته التصميمية حيث ينتج (5.5 مليار متر مكعب) بينما الروصيرص بعد التعلية أصبح سعته (4 مليار متر مكعب) بينما تبلغ سعة سد النهضة (74 مليار متر مكعب) وتعهد معتز بإكمال أعمال الصيانة لكل محطات التوليد المائي والكهربائي وتدعيم شبكات النقل. حديث النائب اثناء إستعراض الكهرباء لخطتها كان النائب يدون بعض التفاصيل وبدأ حديثه بإشارة ذكية عندما قال ان المتأثرين ضحوا من أجل مشروع عظيم، وكشف عن زيارته للسد لأول مرة وقال من رأي ليس كمن سمع، وأكد أهمية المضي في قيام بقية السدود للإنتقال لمرحلة التفكير في الطاقة النووية، وقطع بتجاوز كثير من العقبات في ملف الكهرباء العام المقبل، وأشار إلى أن التحدي الحقيقي في المحافظة علي ماتم إنجازه بعد قيام السد كون المواطن يهمه فقط أن (يحرك المفتاح ويجد الكهرباء شغاله) - حسب قوله - وشدد حسبو على ضرورة توعية المواطنين بترشيد الإستهلاك، ودعا النائب لأهمية إشراك القطاع الخاص في صناعة الكهرباء وركز في حديثه على الإستفادة من كهربة المشاريع، وعاب على حكومة الشمالية عدم إستفادتها من كهربة المشاريع وتوفير كثير من المقومات بالولاية. ودعاها لتكون في المقدمة في مجال تمزيق فاتورة إستيراد القمح. مشاركات الوزراء إبتدر وزير النفط الحديث وكشف عن إتجاه وزارته بالتعاون مع الكهرباء لترشيد إستخدام الوقود والحصول على طاقة إقتصادية وعن توفير (526) مليون دولار نتيجة لإستعمال الفيرنس في المحطات بدلاً عن الجازولين وتحدث عن إكتشافات جديدة للغاز بغرب كردفان وسنار والبحر الأحمر. وإعتبر وزير الصناعة أن نهوض أي دولة يتاتى بالإهتمام بالطاقة والصناعة، وقال إن وزارته تساهم ب (18%) من الناتج الإجمالي ويتوقع أن يصل ل (25%) وأقر بتوقف مصانع نتيجة لعجز في الطاقة، وشدد وزير الزراعة على أن كهربة المشاريع دفعة للقطاع، فيما أيد وزير الدولة بالإستثمار مقترح النائب بإنتاج الكهرباء عبر القطاع الخاص. ومهما يكن من أمركان الحديث شفافاً وعلى الملأ ويبدو أن ذلك نتيجة لثقة النائب في إدارته لملف أكثر تعقيداً وأي تهاون في تفاصيلة بمثابة (صعقة كهربائية).