الفنان الكوميدي عبد السلام جلود معرفتي به أكثر من وثيقة.. ليس لأننا أصدقاء «فرد» بلغة الجيل الجديد.. بل لأننا أهل ولنا صلة قرابة وثيقة وفوق هذا أبناء حلة واحدة. عاصرت بداية دخوله عالم التمثيل.. إذ كان ينثر البهجة في أعراسنا وبعد ذلك شق طريقه في عالم التمثيل في فترة قصيرة. فرض اسمه في فترة معينة كاسم في عالم الكوميديا ولكنها للأسف لم تدم طويلاً، وفي تلك الفترة ذهب إلي أن يكون مجرد ممثل.. بل نجم إعلانات ناجح أيضاً. أفل نجمه في الآونة الأخيرة ولا أراه ضمن المتألقين في هسكبة ولا حتى عنكبة. عبد السلام رجل يعتز بنوبيته وأهله ونشأته البسيطة، وكل هذه الصفات تجعل له رصيداً أكثر من الجماهير لكن في حالة واحدة وهي إذا قام بتوظيفهم بالطريقة الصحيحة.معظم الكوميديين العرب بداية بعادل إمام وانتهاءً بدريد لحام ووقوفاً في محطة الوسط بسمير غانم.. فقدوا بعضاً من بريقهم بالوقوع في مستنقع التكرار.عبد السلام فقد معظم بريقه إن بقي له بريق يذكر بالوقوع في هذا المستنقع.. بل وإدمان العوم فيه. فهو يعتقد أن استخدامه للغة النوبية باستمرار في أعماله سيضحك من هو نوبي وحتى من هو شايقي، ولكنه لا يفطن إلى حقيقة أنه يجعلنا نضحك عليه هو. العملاق محمد وردي كان معتزاً بنوبيته ولكنه لم يظهر أعجميته إلا في الوقت المناسب وبتوظيف صحيح.. ووصل به اعتزازه بنوبيته إلى أن تغنى برائعته «عرباً نحن حملناها ونوبة» فرقص على أنغامه الهدندوة ومن هم في أرض البطاحين.والشيء الثاني الذي وقع فيه عبدالسلام هو استخدامه لأهله وبأساميهم الحقيقية في أعماله وجعلهم محوراً لأعماله الكوميدية اعتقاداً منه أنه عرفان منه لهم.. ولكن دون أن يدري أن هذا ليس من الفن.والشيء الأخير هو أنه يتبع ردود أعماله عند الجماهير ويلتقط منه ما أضحكهم ويظل يكرره في أعماله دون أن يدري أن ما قد أضحكك مرة ليس ضماناً لأن يضحكك طول الوقت.. وأذكره بما درسناه في اللغة العربية بمراعاة مقتضى الحال.عبد السلام فنان يحمل كل مقومات النجاح ولكنه حمل معه كل معدات الهدم لهذا النجاح.وأخشى من عزيزي عبدالسلام أن يعتصم بخارج منزلي ويظل يهتف من الخارج «كل الشوارع بقت دم.. دم.. دم» وهو أكثر مقطع أضحكني في أعماله.. وتحياتي له من علي البعد.