٭ لم يتفاجأ الكثيرون عندما صعد نجم فقيد البلاد وزير شؤون الرئاسة المهندس صلاح الدين ونسي من وزير دولة بالخارجية «عُين في مايو 2011» لينتقل في ديسمبر 2013 إلى منصب الوزير الأول بالقصر، ويكون بذلك مستودع أسرار رئيس الجمهورية. ٭ وهو صعود لونسي لم يكن بالزانة وإنما بصبر وجهد ومثابرة وعمل دؤوب دون كلل أو ملل كما الحفر في الصخر ، في مؤسسات التنظيم وجهاز الأمن والمخابرات والعمل التنفيذي . ٭ كانت عين الرئيس فاحصة وهو يختار ونسي إلى جانبه، ولكن المشيئة كانت أكبر وأقوى ولا اعتراض عليها، والباري يختاره إلى جواره. ٭ الحزن يحاصر الإسلاميين في الأونة الأخيرة من كل اتجاه ولا يمسك بتلابيبهم، بل يخنقهم، بل كاد يقتلنا ومرتضى جلب وراشد محمد «كاتيوشا» ، يمضي إلى ربه والصابرة ليلى خالد تلحقه وهاهو ونسي في القائمة. ٭ كتب أخي المجاهد جلي أبو إدريس وهو يبكي جلب «تباً لنا وهنئياً له».. وها نحن نقول تباً لنا.. تباً لنا ونحن لم نرتوي من أدبه التنظيمي وولائه غير المحدود للحركة الإسلامية.. وتباً للحزب الحاكم لو حاد عن الطريق الذي كان يسير عليه صلاح. ٭ كان صلاح رافعاً لشعار «اكسح واكسح» وهو يلقن خصوم الحزب هزائم نكراء في ميادين الجامعات وهو أمين لطلاب الوطني.. وكان قبلها حاملاً للكلاش مرابطاً في الميدان لأجل الإنقاذ ومشروعها الذي «بدأ ينخر فيه سوس المندسين في صفوف المؤتمر الوطني». ٭ يكاد يكون فقد ونسي مثل فقد الشهيد الزبير محمد صالح فكلاهما كانا يضعان الإنقاذ في حدقات العيون، ظل صلاح وفياً للإنقاذ حتى آخر يوم في حياته.. وحافظاً لأسرارها وهو ماجعل الرئيس البشير يضعه في مكان علي ندعوه جلّ وعلا أن يحشره مع الصديقين والشهداء. ٭ الشهداء الذين ظل ونسي حافظاً لدورهم وكسبهم ومافتئ يذكّر بهم ويضرب بهم المثل في حركاته وسكناته .. ما من شاب أو طلاب بين الإسلاميين إلا وكان يخاطب صلاح بصفة «الشيخ». ٭ والرجل شيخ في الأدب والتواضع ويقيني أن ذلك من تربيته وأصله ووالده شيخ تعرفه كردفان الكبرى.. لم تبدله المناصب مثلما بدلت كثيراً من الإسلاميين ولم تخدعه الفانية مثلما خدعت كثيراً ممن يهتفون «هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه». ٭ ظل صلاح خلف الكواليس حتى وفاته لم يعشق الظهور الذي أصبح كثير من المسؤولين مولعين به وبدون سبب، وكان يعلق على ما نكتب بهدوء ويطلب منا إذا كتبنا منتقدين لأحدٍ أن نحسن فيه الظن.. حتى رحلة علاجه أتمها في هدوء تام وها هو يغادر بهدوء.. ٭ رحل ونسي و«جهجه» الحكومة، ولكن «الجهجة» الحقيقية للتنظيم الذي فقد أحد أبنائه المخلصين.