يبدو أن مشكلة النفايات بولاية الخرطوم لم تبارح مكانها، ويبدو أن الحكومة قد عجزت عن حلها وقالت (الروووب)، فالقضية شائكة والمشكلة تتفاقم في كل لحظة وفي هذه الأيام نشاهد كميات مهولة من النفايات في الأحياء والشوارع، وقد كنا ندعو المواطنين للاحتفاظ بنفاياتهم داخل منازلهم حتى تأتي سيارة النفايات، ولكن هذا الأمر أصبح لا يطاق، لأن سيارات النفايات لم تعد تأتي بانتظام مما يضطر المواطنين لوضع نفاياتهم في الشوارع التي كادت أن تسدها أكوام النفايات وألوان أكياسها، والتي في كثير من الأحيان تفتح بواسطة الكلاب.. وما نراه الآن يؤكد أن الولاية قد فشلت في إدارة هذا الملف الخطير.. نعم سادتي خطير لأنه يتجدد في كل ثانية وكل لحظة..ولا أعتقد أن الموضوع بسيط فهو كبير جداً ويحتاج لحلول عاجلة وحلول متوسطة وطويلة المدى، ولا تنفع فيه سياسة رزق اليوم باليوم، ولا أظن أن التعامل معها يمكن أن يكون سهلاً.... وبينما أنا أكتب هذه السطور تتلاعب أمام عيني اللافتات التي تكاد أكوام النفايات أن تخفيها، وهي تستغيث مكتوباً عليها لا ترمي الأوساخ بأمر السلطات.. كما أن هناك صورة أخرى لمحصلي رسوم النفايات، وهم يسمعون ما يسمعون من عبارات الشجب والإدانة حارة حارة.. ودار دار.. سادتي لقد اطلعت على تقرير في وكالة سونا قال فيه دكتور مصعب برير مدير الهيئة الإشرافية العليا لنظافة ولاية الخرطوم «إن الكميات المفرزة ظلت تتزايد يومياً بالإضافة لعدم استصحاب مشاركة المواطنين بخطة عمل محكمة، الشيء الذي أدى إلى سيادة السلوكيات السالبة من الرمي العشوائي للمبعثرات، والتعامل غير الحضاري مع تخزين النفايات جعل عمليات النظافة العامة صعبة، وزاد من كلفة التشغيل بشكل عام. كان لدخول حكومة ولاية الخرطوم لرعاية برنامج النظافة العامة ونقل النفايات عظيم الأثر بإحداث نقلة نوعية كبيرة جداً، وذلك لتوافر الإرادة السياسية القوية والدعم والرعاية المباشرة من السيد والي ولاية الخرطوم، حيث انعكس ذلك إيجاباً في توفير اسطول كامل من آليات نقل النفايات الجديدة، وزياده عدد العمالة ساعد ذلك في اختفاء التلوث البصري للنفايات بولاية الخرطوم لسنوات عديدة.. ولكن كل هذه الجهود لم تصمد مع مرور الزمن لعدم وجود خطة محكمة لضمان الاستمرارية، ومعالجة المشاكل الإدارية والفنية المتراكمة أول بأول، فأعاد المنظر الذي اختفى من الولاية زماناً طويلاً مرة أخرى، مما استدعى وقفة تنظيمية جادة للخروج بالمشروع لبر الأمان، خاصة بعد الجهود المقدرة التي بذلت لإنشائه واطلاقه وحجم الأموال المستثمرة فيه. وعبَّر البرير بأن هذه النفايات بمجموعاتها المختلفة تشكل أخطاراً كثيرة إذا لم تعالج بالطرق الصحيحة، وتتمثل هذه الأخطار في انتشار الأمراض والأوبئة وانبعاث الروائح الكريهة و توالد وتكاثر الآفات ونواقل الأمراض، وتلوث مياه الشرب، وتصاعد الغبار، إضافة للتأثير في القيم الجمالية والمعنوية «التلوث البصري» وهذا الحديث يدل على أن الحكومة (عارفه) اي حاجة وهي لكن «العين بصيرة والإيد قصيرة».