حبيبنا عصام جعفر.. مرة أخرى لك الود والسلام وقبل كل ذلك الاحترام.. واليوم نخوض معك ذاك البحر المتوحشة حيتانه.. الشاهقة الهائلة أمواجه.. والأحباب الأحبة «الأخوان» يسرجون خيولهم ويرفعون راياتهم ويزرعون الفضاء بأناشيدهم ثم «يهجمون» وكأنهم على أسوار «عمورية» على هذا الشعب الطاهر المسلم بل المؤمن النبيل.. زرعوا الفضاء هتافات وجلجلة أناشيد مدعين إنهم إنما جاءوا لتطبيق شرع الله المطهر على هذه البلاد الطاهرة.. فقد زعموا إنهم إنما كانوا يسابقون الشمس وهي تجري وعقارب الساعة وهي تعدو خوفاً وهلعاً ورعباً من قرار وشيك كانت تنوي أن تجيزه الجمعية التأسيسية في ذاك الزمان يدعو إلى إقامة دولة علمانية. وقبل الإبحار.. قبل نشر الشراع.. دعنا نقول إنهم لم يجدوا هذا الشعب يتحلق حول «هبل» ولا كان راكعاً عند قدمي «يفوت» ولا ساجداً بين يدي «نسر».. لم يجدونا في «دار الندوة» ولم يجدوا علماً واحداً يرفرف على باب خمارة أو «إنداية». وجدوا «الانصار» تهز تكبيرة إحرامهم كل أركان مساجدهم فجراً وقبل أن تمزق أشعة الشمس أستار وستاير الليل.. وبعد ذلك و «بالمكرفون» يرتلون «راتب الإمام المهدي» في حلقات تئن من ثقلها «البروش» ونفس الحال يفعله الأنصار بعد صلاة العصر.. وجد «الأخوان» أن مساجد الختمية تصدح يوماتي بالأناشيد القدسية.. راياتهم على أعالي وأسطح المساجد «تعمل غابة».. وجدونا نضيء المصابيح.. ونضرب النوبات والدفوف كل عام.. كل عام احتفالاً «بالمولد» مولد سيد البشر النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم .. كنا نعيش أعياداً لمدى أثنى عشر يوماً، ونحن في فرح «الدراويش» وننجذب كما الفراشات نحو النار ننجذب إلى «الصاري». وجدونا هؤلاء «الأخوان» نتزوج على سنة الله ورسوله.. ونولد على سنة الله ورسوله.. ونموت على سنة الله ورسوله.. صحيح إننا وفي ذاك الزمان لم يفنَ علماؤنا عيونهم على ضوء المصابيح وهم يغوصون في بطون الكتب، وأسفار التفاسير لاستنباط الأحكام المثيرة للجدل مثل «التحلل» و «فقه السترة» لأننا لم نكن في حاجة إلى كل ذلك فقط كنا نعيش تحت ظلال إن الحلال بيِّن والحرام بيِّن.. وجدوا أن لسان حالنا يقول.. طالما أن الحلال بين والحرام بين والذي يدفعنا إلى التجول والمشي حفاة على شوك الأمور المتشابهات. الحبيب عصام.. لقد جاء الأخوان وامتلكوا الوطن بكل مفاصلة وتفاصيله، تحت دعوى إنهم إنما جاءوا لبسط شرع الله، ولكن وبعد ست وعشرين سنة وتزيد يعلن «الأخوان» إنه وبعد اليوم لن تكون هناك شريعة مدغمسة.. وبعد ست وعشرين سنة وتزيد يعلن شيخنا الزبير أحمد الحسن إنهم يبدأون الآن «مرحلة الهجرة إلى الله» طيب يا عصام إلى أين كان يهاجر «أخوانك» على مدى ربع قرن من الزمان؟!!.