تعتبر الشائعة من الأسلحة الخطيرة والفتاكة وسريعة الانتشار بين الناس دونما معرفة مدى صحتها أو صدقها أو كذبها أو فبركتها.. وقد كان لوسائل التواصل الاجتماعي القدح المعلى في انتشار الشائعات بكل أنواعها وألوانها المختلفة.. وآخر الشائعات التي انتشرت وبصورة سلبية ولا تمت للحقيقة بأي شيء من الصحة ما تدوالته وسائل التواصل الاجتماعي بأن حريقاً هائلاً شب في مقر يتبع لمحلية الخرطوم يقع في ضاحية أركويت.. فعلاً إن الحريق قد حدث ولكن الذي شاع بأن هناك سيدة «بائعة شاي» هي الفاعل الأساسي لذلك الحريق.. حيث جاء في «الشائعة» بأن عمال المحلية قاموا بحملات على بائعات الشاي بمنطقة أركويت وأخذوا كل معداتهن وأدواتهن.. فحضرت إحداهن إلى المحلية وطالبتهم بإرجاع المعدات لأنها تعول أطفالاً وأيتاماً ومهنة الشاي هي مصدر دخلها الوحيد.. ولكن موظفي المحلية طالبوها بدفع مبلغ ميئة جنيه للإفراج عن العدة ولكنها لم تكن تملك ذاك المبلغ المطلوب منها وبعدها قرروا طردها من داخل المحلية.. وبعد انتهاء الدوام قام أحد رجال المحلية بضربها.. فخرجت وعادت بعد قليل وهي تحمل باقة جاز وقامت بصبه بالكامل داخل المبنى وإشعال النار في مبنى المحلية مما أدى لاحتراقه بالكامل وهروب عدد من الموظفين الموجودين داخله.والحقيقة لهذه الشائعة التي راجت وأخذت أبعاداً أخرى مما جعل الكثيرين يظنون أن هذه المرأة كانت سبباً في إعلان شرارة ثورة وجعلوها بطلة وهي - أي المرأة- شخصية وهمية تخيلها أحد المحبين للشائعات ورمى الخبر لآخر فزاد عليه «شوية موية» وأعطاه لغيره حتى أصبح بذاك الشكل.. وكل الحاصل حريق في حوش محلية الخرطوم شرق بأركويت ناتج عن أثر حراري خارجي تمثل في عملية حريق لبعض النفايات التي كانت تحتوي على بعض اللساتك واسكراب بعض الأخشاب.. وكانت قوات الدفاع المدني قد سيطرت على الحريق بمساعدة شرطة المحلية. هكذا هي الشائعات عندنا تنتشر «كما النار في الهشيم» وهي بعيدة عن الحقيقة وكأنما الذين يروجن لها لا علاقة لهم بالثقافة والتعليم.. لأن أغلب أو معظم الشائعات تحمل معلومات مغلوطة لا تمت للحقيقة بشيء.. فهل يعقل ست «شاي» تحرق حوش محلية ويوجد به شرطة وعمال وموظفون.. هل يعقل هذا يا هؤلاء؟.. «إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا...».. وجمعة مباركة