ألج مرة أخرى إلى الطفولة ومشاكلها التي يعانون منها في بداية حياتهم. لست ضد أن يدلل الآباء أبناءهم وإدخالهم في أحسن المدارس.. فقد لاحظت تزايد عدد الأطفال في المدارس ورياض الأطفال الخاصة.. وذلك نتيجة لأن المدارس الحكومية أصبحت طاردة وبيئتها غير مناسبة للدراسة.. ولم تقصر المدارس الخاصة بدورها في أن تبذل الغالي والنفيس لكي تجذب انتباه الآباء والأمهات وهن بالأخص-أي الأمهات- باعتبارهن الراعي الأول للأطفال وهن اللائي يتبعن دراستهم وحضورهن المستمر في المدارس إما لمراجعة مستوى الأبناء أو لحضور الاجتماعات والمناسبات التي تقام في المدارس.. وأنهن يحببن «التفاخر» أمام الناس بمدارس أبنائهن وبناتهن ومستواهم التعليمي.. ولهن كل الحق.. لكن أن يدفع الآباء والأمهات مبالغ مهولة في تلك الرياض والمدارس هو الشيء غير المعقول.. استغربت جداً حينما ذكر لنا أحد الآباء أن له طفلاً يدرس في إحدى رياض الأطفال بمبلغ (6.000000) - ستة ملايين جنيه- في السنة وهو لا يتعدى الرابعة من عمره.. فحينما يبلغ هذا الطفل سن المدرسة قد يرتفع هذا المبلغ إلى أضعاف مضاعفة.. وأكيد هذا الطفل له من الإخوة غيره وسيسير الأب على نهج ابنه الأكبر بأن يلحق بقية إخوانه بتلك المدارس.. فمن أين له بتلك المصاريف التي هي كل عام في زيادة مطردة.. لسنا أيضاً ضد المدارس الخاصة.. ولكن ضد الرسوم المرتفعة التي يجاريها أولياء الأمور دون تفكير في تلك المنصرفات التي قد تنعدم منه في يوم من الأيام لا- الله لا قدر- ويترك أبناءه في العراء لا هم في المدارس ولا هم خارجها. أتساءل بيني وبين نفسي أين دور وزارة التربية والتعليم في هذه المبالغ التي تدفع للمدارس الخاصة والتي ليس لها رقيب ولا قانون ينظم تلك الرسوم.. نعم الكثيرون قد يقفون ضد رأي هذا باعتبار أنها حرية شخصية مطلقة.. ولكن أقول لهم إن الدنيا ما معروفة وإن المال ليس مضموناً.. وإن الأطفال يجب أن تراعى نفسياتهم حتى لا يشب أطفال عالة على الوطن.. فنفسيات الأطفال تتأثر بالبيئة التي يشبون عليها.. فحينما يتعود أحد الأطفال على الرفاهية ويأتي يوم يحرم منها لن يكون طفلاً طبيعياً بالتأكيد.. فخير الأمور أوسطها يا أولياء الأمور.