قبل عدة أيام كتبنا مشيرين إلى أن بعض الإذاعات الخاصة تقوم ببث أغنيات حزينة وكلها لوعة وشجن ونحيب ودموع، مع أول الصباح، وقلنا إن لمثل هذا النوع من الغناء أوقاته المعينة، ليس من بينها وقت الصباح، لأن هذا التوقيت يحتاج إلى أغنيات فرايحية تبث الحيوية والنشاط وروح التفاؤل في النفوس، ولكن كما بدا لنا أن بعض الإذاعات لا تفهم من ثقافة الغناء غير أنه غناء والسلام. الإذاعة الطبية كمثال، درجت على تقديم أغنية (كلمة) للفنان صلاح بن البادية في الصباح على مدى أيام متفرقة، وكما نعلم أن كلمات الأغنية تتقطر حزناً وألماً، شكلها ابن البادية بمعايشته في لوحة لا اسم لها غير (حزن الدنيا كلو)، وحتى اللحظة لا ندري الفلسفة التي بنت عليها الإذاعة بثها للأغنية في هذا التوقيت الباكر من الصباح.. وهل عملية البث والاختيار للبرامج والأغنيات يتم فيها على معايير محددة ودراسة أم (كيري)، حيثما اتفق وحيثما وجد من أغنيات جاهزة. الإذاعة الطبية تحديداً ومن خلال اسمها وتخصصها من المفترض أن تكون أكثر الإذاعات إلتزاماً ودقة في ما تقدم من مواد إذاعية، حتى تكون اسماً على مسمى، لأن الأغنيات هي في حد ذاتها دواء إذا تم اختيارها وفق معايير، فكم من أغنية عالجت الكثير من القضايا، وكم من أغنية أعادت زوجين فرق بينهما الشيطان، وكم من أغنية علمَّت كيف يتغلب الناس على أحزانهم، فالغناء ليس مجرد كلمات وموسيقى وصوت جميل، وإنما عالم جميل يحوي أسراراً لم يستطع أحد أن يفك شفرتها، ولا أبالغ إن قلت كما يقول أهل المغنى إنها تغذي الوجدان والأبدان. بهذه المفاهيم يجب أن تقتدي الإذاعات، حتى تؤدي دورها الرسالي وحتى تكون بالفعل في خدمة المجتمع، وبالأخص الإذاعات ذات التخصص. نقول ذلك من باب لفت الأنظار وليس لتقليل جهد الآخرين ولا تبخيس أشيائهم، لأن بالإذاعة الطبية برامج فيها الكثير من الفائدة والنفع للمستمعين ولا ننسى لها النجاح الكبير في برنامجها (المجال الرياضي) الذي يقدمه الإعلامي المعتق عثمان حسن مكي.. به الكثير من الروشتات الطبية لكثير من أمراض الساحة الرياضية. خلاصة الشوف: إذاعة خاصة زار بعض مسؤوليها الشاعر الكبير صلاح حاج سعيد بمنزله طالبين منه التنازل عن بعض أغنياته لإذاعتهم، والأغنيات هي (ما قلنا ليك) التي غناها محمد ميرغني، (نرجسة) للفنان محمد الأمين، (نوَر بيتنا) للبلابل و(يا راقي إحساسك) لحسين شندي.. وعرض السادة المحترمون للشاعر مبلغ (350) جنيهاً فقط، ونعود للتعليق إن بقيت في العمر بقية.