هاهو تقرير اليونسكو للعلوم للعام 2010 الصادر في العاشر من شهر نوفمبر الجاري يرسم صورة قاتمة لوضع العلوم في جميع البلاد العربية وذلك لضعف إنفاقها على العلم . ومنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) والتي تجد معظم تقاريرها الاحترام والتقدير بخلاف الكثير من منظمات الأممالمتحدة الأخرى التي تحيد تقاريرها لخدمة المصالح الغربية وصفت مال الدول العربية النفطية بالمال السهل أي المال الذي يقل فيه العنت والمشقة في سبيل الحصول عليه وأنه يمثل سلاحاً ذو حدين وما ذلك الا أن هذه الدول لا تنفق على العلم والبحث بما يقابل إنفاقها على التسلح إذ أنفقت الدول العربية 94 مليار دولار أمريكي على صفقات السلاح خلال العام الماضي 2009 م . وأما الإنفاق على البحث والتطوير فلم يزيد عن 1.7 في المائة من الناتج المحلى الإجمالي وفى المقابل تنفق دولة إسرائيل علي البحوث والتطوير حوالي 4.8 في المائة من ناتجها المحلى الإجمالي . أما عن الإنفاق على الباحثين والعلماء فيورد تقرير اليونسكو أن الدول العربية تعد ما لا يزيد علي 373 باحثاً لكل مليون نسمة علماً بأن العدد المتوسط على المستوى العالمي يبلغ 1081 باحثاً . ويشير التقرير إلى أن عدداً من الدول العربية تفتقر إلى تبنى سياسة وطنية خاصة بالعلوم والتكنولوجيا وأن إسهام القطاع الخاص في البحث والتطوير العلمي يكاد لا يذكر بل لا وجود له رغم أن الدول التي تقدمت وطورت برامجها العلمية تجبر القطاع الخاص على المشاركة في هذه البرامج لفائدة المجتمع . وأما إسهام الدول العربية في مجال براءات الاختراع وتحرير المقالات العلمية في المجلات البحثية العالمية لا يزيد عن واحد من عشر في المائة من العدد الإجمالي لبراءات الاختراع المسجلة في المكاتب الدولية لتسجيل براءات الاختراع وأن عالم عربي واحد فقط من أصل أفضل 100 عالم من حيث مستوى الاقتباس على المستوى الدولي وفى التقرير إشارات عدة للتطور الذي سارت عليه بعض الدول الأسيوية مثل الصين وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية الهند واليابان وإيران بالإضافة إلي البرازيل وتركيا من حيث مستوى إنفاقها على البحث والتطوير والاهتمام بالعلماء وإسهاماتهم في الاختراعات والكشوفات العلمية . وحزنت على وضع بلادي في التقرير الذي ضمها إلي المجموعة الثالثة التي تشمل جزر القمر - جيبوتي - موريتانيا - اليمن والذي وصفها بأنها تتمتع بموارد طبيعية وبشرية محدودة جداً وتعتبر من أقل البلاد نمواً في العالم . نعم قد يكون الإنفاق الحكومي على البحث والتطوير العلمي في بلادنا لا يزيد عن ثلاثة من عشر في المائة من الناتج المحلى الإجمالي إلا أن بلدنا فيه الموارد البشرية المؤهلة والمستعدة للتأهيل رغم ضعف الاهتمام الحكومي بالحفاظ على الكوادر التي تلقت تأهيلاً وتدريباً عالياً في الجامعات الأمريكية والأوروبية والوطنية أو مواصلة التأهيل والتدريب لكوادر المستقبل في ذات الجامعات المشهود لها بالكفاءة والسمعة العلمية. ننادى بل ونتظاهر في أن تعمل الحكومة على إخراجنا من هذه المجموعة بإعادة ترتيب أولوياتها في الإنفاق الذي لا يعقل أن تفقد البلاد 75% من علمائها الذين علمتهم وأهلتهم ودربتهم ولم تعمل على تمكينهم من تطبيق ما تعلموه على الحقل أو داخل المعامل والمختبرات إذ تعانى الجامعات ومراكز البحث العلمي من ضعف الميزانيات التي لا توفر لهؤلاء العلماء معينات البحث والتطبيق من أجهزة وأدوات ومواد ومحاليل . نهضة السودان الزراعية والصناعية والعلمية تتحقق عندما تكون بنود الصرف الأولى في الموازنة العامة على العلم والعلماء والسخرية التي يبديها بعض السياسيين عند تناول هذا المجال والاهتمام به هي التي ستبقينا مع قائمة جيبوتي والصومال وجزر القمر .