تمر يوم 17 يناير الجاري ذكرى رحيل الفنان مصطفى سيد أحمد، وقد أعلنت العديد من الجهات الثقافية والفنية التي درجت على الاحتفاء بالذكرى عن إقامة أمسيات خاصة. تقول السيرة الذاتية لمصطفى هو مصطفى سيد أحمد المقبول مختار عمر الأمين سلفاب، من مواليد قرية ود سلفاب بالجزيرة عام 1953، قدم جده الأمين سلفاب من شمال السودان منطقة الشايقية واستقر في قرية ود سلفاب التي كانت أصلاً قرية للدينكا، ولمصطفى سبع شقيقات وأخ شقيق واحد. رسمته: دعاء محمد ٭ البداية: مصطفى كان يكتب الشعر ويغني وتنبأ به الكثيرون منذ وقت مبكر بأنه سيصبح مغنياً في يوم ما، حتى جاء العام1965 ، وفي مناسبة زواج أحد أبناء القرية من فتاة في قرية «العيكورة» التي لا تبعد كثيراً عن قريته، سمع مصطفى مغنياً من القرية يغني «الفريق أصبح خلا.. جانى الخبر جانى البلا»، فوافق اللحن الشجي فيه ظرفاً نفسياً خاصاً فكتب نص أغنية «السمحة قالوا مرحّلة»، فكانت أول كتاباته بعد أن توفي شقيقه المقبول وأول قصيدة مكتملة كانت في رثائه. ٭ الشجن الأليم تلقى مصطفى تعليمه الإبتدائي بالحصاحيصا وحصل على ترتيب متقدم، ثم انتقل للدراسة الأكاديمية بمدرسة بورتسودان الثانوية عام 1973، وهناك أصبح فنان بورتسودان الأول، وبعد التخرج عمل بالتدريس في مدرسة ودسلفاب الثانوية العامة للبنين، كانت الجزيرة دائمة الفرح وفي تنوع مدهش بالفرق الشعبية المحلية، فنمت مواهب مصطفى في أجواء أسرة تحب الغناء والطرب فانتقل إلى الخرطوم بمعهد تدريب معلمي الثانوي العام، ولكنه اضطر لترك مهنة التدريس ليعمل بمصنع النسيج السوداني مصمماً نظراً لموهبته في الرسم، ثم بدأ احتكاكه بالوسط الفني وكانت أغنيات «المسافة»، «الشجن الأليم»، «عشم باكر»، «عباد الشمس» و«كان نفسي أقولك». ثم التحق بعد ذلك بمعهد الموسيقى والمسرح قسم المسرح، فاكتشف الأساتذة أن مصطفى يمتلك حنجرة جميلة وصوتاً طروباً وإحساساً مرهفاً، ونصحوه بالانتقال إلى قسم الموسيقى، وكانت أولى تجاربه مع مستر كيم الكوري في أغنية رسائل للكاشف وعازة لخليل فرح، وكانت له تجاربه في المسرح، ولكنه لم يتمكن من تكملة الأربع سنوات بالمعهد، كما وجد مشقة في التعامل مع الإذاعة والتلفزيون فلجأ إلى جلسات الأصدقاء الخاصة. غير ذلك فقد كان موهوباً في مجال الرسم وفنون التشكيل، عمل فترة مصمماً للأقمشة بمصنع النسيج ببحري ثم سنوات بقسم الموسيقى قسم الصوت، إلاّ أنه لم ينتظر حتى ينال شهادته الأكاديمية. مصطفى متزوج ولديه من الأبناء سامر وسيد أحمد، ومن نقاط ضعفه التي كان معروفاً بها، المجاملة والإحساس بالزمن. ٭ معاناة ورحيل عانى مصطفى من المرض كثيراً، فقد لازمه الفشل الكلوي مدة طويلة أجرى خلالها عملية زراعة كلى بروسيا أواخر الثمانينيات، إلاّ أنه تعرض لانتكاسة جديدة بداية عام 1993 بالقاهرة، وانتقل منها للعلاج بالدوحة حيث ظل هناك يباشر عملية الغسيل الكلوي ثلاث مرات في الأسبوع إلى أن توفاه الله مساء الأربعاء 17 يناير 1996. ٭ على لسان الأصدقاء يحكي الشاعر مدني النخلي وهو من أكثر الشعراء التصاقاً ومعرفة بمصطفى، حكى عن أسباب أول زيارة له للدوحة فيقول: في العام 1986م كانت أول زيارة له للدوحة، وأقام فيها عدة حفلات، لكنها لم تلقَ نجاحاً كبيراً، وأضاف: كانت بوادر المرض بدأت في الظهور عليه، واحتاج لتغطية مصاريف العلاج.. ولكن حينما فشلت الحفلات في تغطية تلك التكاليف، عاد أدراجه إلى القاهرة، وبمعاونة أصدقائه هناك، سافر إلى موسكو طلباً للعلاج. ومن المفارقات أن في تلك الفترة أشيع أن مصطفى توفي، فما كان مني إلا وأن اتصلت بزوجته بثينة مطمئناً وعرفت أنه بخير، النخلي قال إن رد فعل مصطفى كان مدهشاً، لم يتخلَ عن روحه الجميلة، ويذكر حينها ممازحته له قائلاً: «إن شاء الله عملت لينا عزاء كويس».