كلما إطلعت على صفحات الجريمة بالصحف اليومية اجتماعية كانت أو سياسية، تصيبني حالة من الألم والأسى حيال الجرائم المرتكبة، والتي لا يتصورها عاقل أبداً، فالدوافع والغرابة أصبحت ماركة مسجلة لمعظم تلك الحوادث، إضافة للبشاعة التي ترتكب بها، إذاً الأمر لا يحتمل.. ولابد من التوقف عند هذه الجرائم لاستنهاض الجهات الرسمية أو حتى المنظمات المجتمعية المتعددة والمختلفة للبحث والتقصي حيال هذه الظاهرة، ولابد من العمل قدر المستطاع لمعرفة أصل ومنبع هذه الجرائم، فهل الأمر يتعلق بالتغيرات التي تحدث طبيعياً جراء تطور العالم ونظمه المجتمعية، فيما يتعلق بأمور التربية وخلافه أم أنه له زوايا أخرى غير مرئية وخافية على الكثيرين، نأخذ منها على سبيل المثال تأثير المخدرات مثلاً، فلماذا وصل حال الجريمة عندنا بأن يغتصب أحدهم حفيدته!! وبأن يضرب الابن والدته!! وبأن يقتل الابن والده!! قد يقول قائل بإن الأمر يرجع للضغوط الحياتية اليومية والحساسية الذاتية المفرطة، والشعور الداخلي للفرد ومايعتريه من فوران وهياج، وحاجات ثانية حامياني، كلها أسباب تقود إلى هذا النوع من الجرائم، أضف إلى ذلك الحراك الإجتماعي الكثيف والذي يشهده المجتمع بصورة غير مسبوقة، بدخول وانخراط الكثير من المجتمعات ومحاولة تأثيرها على المكون المحلي الأصلي والذوبان فيه تماماً في ظل غياب تام للأسرة عن أداء دورها، وانشغال أفرادها بأنشطة وقضايا جانبية تستهلك معظم أوقاتهم الشيء الذي أدى وكنتيجة حتمية ومتوقعة إلى تدهور النسيج الإجتماعي، واضمحلال أواصره شيئاً فشيئا وتهتك العلاقات مابين الأفراد حتى على مستوى الأسرة الواحدة ، كما أن انتشار مواقع التواصل الإجتماعي الحديثة والتي تعتبر سبباً من أسباب العزلة التي تضرب الأسر، وفي تقديري أن المجتمع السوداني تعرض لهجمة شرسة ومازال، يقابله خط دفاع مكشوف ومهلهل بلغة أهل الرياضة، فكان من الطبيعي أن ظهور تلك الحالات والتي أرى أنها لم تصل بعد لمرحلة دق الناقوس، ولكنها تسير في ذات الإتجاه إذا لم نتدارك الأمر بصورة جادة وبتضافر كافة الجهود المجتمعية والرسمية.