بدأ رئيس الجمهورية المشير عمر البشير منشرحاً وهو يلج القاعة الرئاسية بقاعة الصداقة بالخرطوم أمس لمخاطبة عمال السودان الذين ضاقت بهم القاعة بما رحبت منذ صباح أمس الباكر .. البشير جلس على مقعده المخصص في وقت كانت تمتد فيه أعناق عمال البلاد إلى المنصة الرئيسية وهم يترقبوب بدء انطلاقة مؤتمرهم ... لم يكن في حسبان عمال السودان أن يلقي عليهم الرئيس قولاً ثقيلاً وهو يصعد إلى المنصة لمخاطبتهم فبعد التحايا والترحيب والإشادة بدور العمال الذين تنازلوا طواعية عن تنفيذ حقوقهم في الإضرابات الى حين فك الحصار الآحادي الجائر على البلاد .عرج البشير إلى مهاجمة من أسماهم بمناضلي الكبيورد والموهومين والحالمين بقيام ثورة او انتفاضة يكون وقودها غبش الداخل وهم في فنادق باريس يعمهون . حين لا ينفع الندم: وفيما يبدو أن الهزائم المتلاحقة للحركات المتمردة في دارفور بقرى سردبة وقوزدنقو من قبل القوات المسلحة قد ألقت بظلالها على فشل كل المخططات وأعمال الشغب في الخرطوم وحسب البشير فإن المعارضة بشقيها انتكست عدة انتكاسات وتحولت الانتفاضة إلى انتكاسة جديدة بعد أن تذوقت المعارضة طعم الهزيمة المرة ثم بعزة أهل دارفور وهم ينجحون عملية الاستفتاء الإداري بصورة تؤكد تعافي دارفور وتماسكها ودعمها لمسيرة السلام وكأنهم يقولون (اليابى الصلح ندمان ) .. وفي غمرة نشوته ومخاطبته للعمال بخطاب ارتجالي لم ينسَ أن يجدد العهد بدعم العمال وتحفيز المنتجين عبر جائزة سنوية لأفضل منتج في كافة المسؤسسات العامة وتلك المملوكة للأفراد . موجهاً بترقية خدمات التأمين الصحي بالدولة والقطاع الخاص لتشمل كافة الأدوية والأمراض وتوفير السكن اللائق للعمال وتيسير الزواج الجماعي وإحياء خدمة التعاون وتوفير كافة السلع الضرورية من المنتجين مباشرة وتكون البداية بتوفير سلة رمضان وتحسين الأجور بحيث يتساوى الأجر مع تكلفة المعيشة والإسراع في إجازة قانون الضمان الاجتماعي .. وواصل البشير في خطابه وهو يمتدح دور العمال في البلاد حيث وصفهم بروح الأمة وذهب السودان المجمر الذي تزيده المحن والابتلاءات نقاءاً وصفاءاً ولمعاناً. جبين السحاب: وفي ما يبدو أن الرئيس لازال يحتفظ بجميل العمال حين اشتد البلاء على السودان في العقدين الماضيين وقال كان العمال في خندق الصبر والاحتساب يشدون من أزر القوات المسلحة و يكتبون بدمائهم تاريخ السودان في جبين السحاب عندما أعادوا ضخ البترول في زمن قياسي بعد الاعتداء الآثم على هجليج وحيا عمال السودان جميعاً. و كل النقابيون الذين بذلوا الجهد والعرق لإرثاء تجربة نقابية عمالية يباهي بها الأمم وجهد اتحاد نقابات عمال السودان في التواصل والتكامل والتعاون مع الاتحادات النظيرة عربياً وأفريقياً ودولياً, وشبه عمال السودان بأهل بدر شدة وطلعة والقا مشيدا بدورهم في قيادة الحوار المجتمعي الذي اصبح نهج دولة وارادة امة وقال بحماس العاملين ووعيهم سيكتمل الحوار ليثمر وفاقا واستقرارا ونماء لهذا الوطن واضاف ان العمال اليوم ينادون ايقاف الحرب واسكات البندقية ونبز العنف بكافة اشكاله وعودة الايدي العاملة للعمل والانتاج في كل المواقع التي دمرتها الحركات الارهابية والذين حملوا السلاح في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان رد التحية: من جانبه رد رئيس اتحاد نقابات عمال السودان يوسف عبد الكريم التحية للرئيس بأحسن منها وقال إن الحوار هو الطريق الوحيد والصحيح لتحقيق الغايات, مجدداً دعمهم للحوار الوطني داعياً الذين لم يلحقوا به لتحكيم صوت العقل واللحاق بركب الحوار من أجل الوطن واستقراره ونهضته وأضاف أن هذا المؤتمر يجئ بعد دورة نقابية تحقق فيها الكثير من النجاحات قائلا وان كان سقف الطموح يفوق ما انجز مشيراً الى انجازهم الهيكل الراتبي الذي تم بموجبه تعديل الحد الأدنى للأجور وقد تمت معالجة مشكلة الاختناقات الوظيفية بالاضافة الى المشاركة في تطوير التشريعات المتعلقة بالعمل والعمال, وقال إن الاتحاد ساهم في تخفيف اعباء المعيشة عبر عدد من البرامج النقابية خاصة توفير قوت العام وترقية خدمات الصناديق بجانب الجهد المبزول في اطار المخططات السكنية الراسية والافقية وتوفير السكن اللائق للعمال مشيرا الى ان انحيازرئاسة الجمهورية للعمال كان دافعا قويا لهم لمواجهة المتغيرات الاقتصادية وانعكاساتها الشديدة عليهم حديث الضيوف: الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب رجب معتوق كان ضيفاً على المؤتمر وقد أدلى بدلوه وقدم خطبته التحذيرية من استمرار الاضطرابات في الوطن العربي وقال إن الاضطرابات السياسية العالمية والازمة الاقتصادية ألقت بظلالها السالبة على البلدان العربية ولازال الوطن العربي يعاني من بؤر التوتر وإن الإرهاب الدولي يضاعف من معاناة المواطن العربي ما أدى إلى ظاهرة الهجرة غير الشرعية وارتفاع لافت في حالات النزوح الداخلي ما يزيد حجم المسؤولية على الاتحادات العمالية مشيرا الى ارتفاع مؤشرات الفقر وزيادة ازمة البطالة و ان منظمة العمل الدولية كشفت عن 200 مليون عاطل في الوطن العربي بنسبة 18% داعيا الى اهمية تعزيز التعاون النقابي وتطوير آلياته للحفاظ على حقوق العمال والالتزام بمعايير العمل الدولية والإقليمية بالإضافة إلى تأمين فرص العمل اللائق أما الضيف الثاني فكان الأمين العام لمنظمة وحدة النقابات الأفريقية رزقي مزهود, الذي أشاد بدور السودان في دعم الحركة النقابية الأفريقية معلنا تضامنهم مع اتحاد العمال السوداني لبناء اقتصاد البلد وفك الحصار واشار الى سعي البعض إلى تركيع وتجويع السودانين وقال رغم ما تمتلكه القارة الافريقية من إمكانيات, إلا أن الأفريقي لا يزال يقبع في مظاهر التخلف و الفقر وضعف الأنظمة التعليمية والصحية وتفشي البطالة وانتشار العمل غير المنظم والهجرة.