ما أحوجنا في هذه البلاد إلى اكتساب مهارات إدارة الوقت، فمن الطرائف التي تحكى في هندسة الزمن والموعد عندنا، أن شخصاً أراد أن يضرب موعداً مع آخر، فقال له: (نلتقي بين الساعة 10 إلى 11، فإذا لم أصلك الساعة 11 ونصف يمكنك أن تغادر عند الساعة (12، ورغم أن الأمر هو في الغالب طرفة، إلا أن أشياء من هذا القبيل تحدث معنا بين حين وآخر، إذ قد يصل الفرق بين الموعد المضروب للقاء والموعد الفعلي إلى ساعة أحياناً، ويحدث ذلك في أرقى المؤسسات للأسف، حيث تدعوك بعض الجهات لحفل أو مؤتمر صحفي في موعد محدد، فقد تكون محظوظا في بعض الأحيان عندما تجد نفسك وحيداً في القاعة، وأحيانا قد تكون سيء الحظ فلا تجد باب القاعة مفتوحاً، فتضطر للانتطار في شمس لاهبة، وكل جريرتك التي ارتكبتها لتنال هذا العقاب أنك قد أتيت في الوقت المحدد أو قبله بوقت قصير. فالوقت كما يعرفه علماء التنمية البشرية بصورة مبسطة: هو عمر الانسان وحياته كلها، وهو مورد شديد الندرة: لأن عمر الانسان محدد باليوم والساعة والدقيقة فليس لدى أي فرد سوى 24 ساعة في اليوم و168 ساعة في الأسبوع و8760 ساعة في السنة، ولا يمكن زيادته بأي حال من الأحوال، كما أنه مورد غير فابل للتخزين: لأن اللحظة التي لا استغلها تفنى، وبذا هو مورد غير قابل للبدل ولا للتعويض، ويحاسب عليه الإنسان مرتين: مرة: )شبابك فيما أبليته(؟ ومرة (عمرك فيما أفنيته)؟، ومما يؤكد مسؤولية الانسان من كل لحظة من لحظات حياته، قوله صلى الله عليه وسل:م (لن تزول قدما ابن آدم من عند ربه يوم القيامة، حتى يسأل عن أربعة: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به) ( ورد عن ابن مسعود في الزهد الكبير للبيهقي بالرقم (725) وفي شعب الإيمان بالرقم (1737) ولعل أهم ما يعيننا على إدارة الوقت بصورة جيدة: أولاً: التخطيط: فتحديد الهدف مزمناً بوقت محدد، يساعد على أداء العمل في زمن أسرع وبمجهود أقل، فيتوفر لك وقت إضافي تستغله في الراحة والترفيه والزيارات الأسرية. ثانيا: تدوين المهام والخطط والأهداف على الورق، إذ لا بد لكل شخص منا من مفكرة تحتوي على قائمة كل يوم للمهام التي يفترض أن يؤديها في يومه، حتى لا ينسى شيئاً من واجباته اليومية، وقد لاحظت في مكاتب كبار المدراء التنفيذيين للشركات الكبرى الناجحة، سبورة بيضاء أمام المدير تدون عليها السكرتاريا المهام المفترض انجازها من قبل المدير، والمواعيد وأوقاتها، وبعض الناس يعتمدون على قائمة المهام في هواتفهم الجوالة مع ضبط منبه لكل بند ينبهك في الوقت المحدد، ثالثاً: أحذر من ثلاثة: أولهم: ممن لا يفي بموعده، والغ أي موعد إذا لم يأت من واعدك في الوقت المحدد، فإن كان الموعد ضرورياً جداً فقم بالمهمة التالية في موعدها، ثم عد مرة آخرى للمهمة السابقة في وقت آخر. والثانية: أحذر من زحمة الطريق وسوء المواصلات وضع وقتا أزيد من المعتاد لطوارئ الازدحام. والثالث: أحذر ممن يكلفك بمهمة تتعارض مع جدولك اليومي، ولا تجامل من يفسد خططك بمهمة يوكلها إليك بأن يجعلك أداة لانجاز مهامه، واعتذر بلباقة وحزم لهذا الشخص. رابعاً: اعتمد على وسائل الاتصالات الحديثة لمعرفة جدوى المشوار قبل القيام به، بأن تتأكد من مكان وجود الشخص قبل التحرك، وحضر لمشاوير الغد بإتصالات تذكر عبرها من تواعده بأن لك موعد معه، فكل ساعة تقضيها في التخطيط الفعال لمهام الغد وإعداد المذكرات والمستندات المطلوبة ستوفر عليك بين ساعتين و4 ساعات غداً، وأنت تبحث عن مكان به طابعة أو ماكينة تصوير ألخ، فإذا وفرت ساعتين كل يوم تستطيع أن تحصل على 12 ساعة في الأسبوع ستفيدك في الحصول على وقت راحة أفضل، وقضاء وقت مع الأسرة، وتطوير الذات، وبالتالي أداء المهام بصورة أدق وأكثر تركيزاً خامساً: أجعل مهام اليوم في خط سير مناسب، فلا تخلط بين مهام في الخرطوم وأخرى بأمدرمان وثالثة ببحري إذا أمكن ذلك، فإذا كان لا بد من اختلاف خطوط السير، فضع خطة مسبقة للطرق التي تقرب عليك المسافات، أو أسأل عن خطوط المواصلات الأنسب التي توفر الوقت.. واستغل وقت السيارة أو المواصلات والسفر في أنشطة مفيدة.