المقال الفائت والذي جاء بعنوان (مشوار الودار) فتح باب النقاش واسعاً حيال البرنامج الذي تبثه إحدى القنوات الفضائية السودانية، وتتلخص فكرته في تقديم المساعدة للشباب من الجنسين حتى يكملوا مراسم زواجهم، ولكن بطرق فيها تمرد واضح على الأخلاق والعادات السودانية الأصيلة، بما يضع البرنامج في دائرة الانتقاد المتواصل وقد أثار المقال العديد من ردود الافعال مابين مؤيد لما ورد ومعارض، وذلك من واقع المناقشات التي تمت من البعض، حيث اعترف الكثير من المعارضين بما جاء فيه مستدركين في ذات الوقت على أن الأمر يجئ في سياق التطور الطبيعي للمجتمع، وأن وسائل الإعلام ينبغي لها أن تواكب هذا التطور في ظل وجود منافسة شرسة من الوسائل المختلفة، والتي نشأت في الأساس على معايير مادية بحتة هدفها الأول والأخير المال وليس سواه، لذلك إذا أرادت أية وسيلة التميز والنجاح في مجالها ينبغي عليها التنازل عن الكثير من المفاهيم والعادات والتقاليد كما قال بذلك أحدهم هذا من ناحية .. فريق آخر وهو المؤيد لما ورد في المقال أثنى على الفكرة ، ولكنه أبدى تشاؤمه في ذات الوقت باعتبار أن الأمر أصبح خارج نطاق السيطرة، وأن ماذهب إليه المقال في الجزئية الخاصة بالاعتياد والتعود على المشاهد الساخنة باتت أمراً واقعاً في بيوت الأعراس السودانية، خاصة من قبل العرسان الذين اصبحوا يتسابقون في التقليد الغربي أو العربي دونما حياء أو خجل، وقد تبرع العديد منهم بفيديوهات تؤكد قولهم وتعضد من رأيهم وقد رأيتها بأم عينيّ فرأيت العجب العجاب، إذاً هذا الفريق يرى أن المجتمع أصبح مهياءً تماماً لذلك، والدليل آلولو .... . والخطورة تكمن في إنسياق وسائل الإعلام المختلفة خلف المجتمع وليس العكس، وأن فكرة البرنامج التي تناولها المقال السابق نبعت من هذا الاتجاه، وهنا مربط الفرس وهنا تكمن الخطورة، حيث يستوحي منتجو البرنامج أفكارهم البرامجية من ظواهر وعادات دخيلة أصبحت تتمدد وسط المجتمع دونما وعي في ظل غياب تام لدور العلماء وآليات ضبط المجتمع التي كانت في السابق فتوارت شمسها خلف جبال الترضيات، مخلفةً ظلمة من الأسى والحسرة فإن كانت ثمة رسائل نوجهها اليوم لكل عريس أن يتق الله في عروسته، والأمر كذلك ينسحب على العروس، فإن ما تفعلانه من أفعال تأكدا من أنه سيجد العقاب والحساب من رب العالمين ..ورسالة أخرى للأجهزة المعنية بحتمية التحرك والتحري عن هؤلاء الذين يأتون بهذه الأفعال وفتح البلاغات اللازمة في مواجهة أي عريس أو عروس يأتيان يفعل يصب في خانة الأعمال الفاضحة والمخلة بالآداب وفق القانون ، حتى نحمي المجتمع من غول يتربص به ليل نهار ..