ونعود إلى ذاك الزمن الجميل.. الذي رحل وأرتحل.. لا لم يرحل في هدوء وحتمية رحيل وسلام .. زمن مزقت ديباجته.. سنابك خيول وحشية... وداست على صفحة وجهة الجميل.. بهي التقاطيع.. مشرق الابتسامة أبداً ودوماً.. داست عليها أحذية غليظة.. صيرته.. حفراً.. أخاديد.. وصديد.. نعود إلى زمن كانت فيه(البوستة)هي مرسال الشوق.. وأيضاً.. ناقلة النواح... والجراح مثلها مثل قطار (تلودي) الذي كم سر خليلاً.. وكم كم فرق خليلاً عن خليل.. ويعود التلغراف.. يعود اليوم ضيفاً ثقيلاً على ركني(شمس المشارق) الحبيب.. ولأن صوتي قد بح.. ومدادي قد نفذ.. وأقلامي قد جفت.. ولأن صيحاتي.. ومناشداتي.. ذهبت أدراج الرياح.. لا أثر لها.. غير الصدى وهو يتردد فقط.. في تجاويف صدري.. وبين ضلوعي .. اليوم أرسل تلغرافات لنجوم ورموز شاهقة في الوطن.. هي تماماً مثل تلك التلغرافات في ذاك الزمان.. التي كانت تحمل الفواجع والأسى ومر الرحيل.. وفقد الأعزة والأحبة.. نرسلها لهذه النجوم.. رغم إنها نجوم شاهقة وعالية... ولكن لأن الوطن.. أكثر غلاوة.. وأشد علواً .. وأعظم وأجل قدراً.. من كل مواطن سعت به على أرضه قدم.. والبرقية الأولى لمولانا الدكتور.. أزهري التجاني مكرراً نفس البرقية بنفس الحروف بنفس الكلمات الى وزير الدولة. أولاً شكراً جزيلاً.. لكل محاولاتك في شأن الشؤون الدينية والارشاد والأوقاف.. أنت سيدي قد مكثت زمناً طويلاً.. طويلاً.. في ربوع وحمى ورياض تلك الوزارة.. وصار إسمك مقروناً وملتحماً التحام (الكيو) مع(اليو) بلا انفصال ولا انفصام.. وآن الآن أن نطلب منك أن تترجل.. بل دعنا نسألك بحق السماء الحميلا.. لا لشيء شخصي ولا هي منا (إستكثاراً) لك على هذا النعيم.. نعيم الوزارة.. ولا هي(حسادة) ولا(غيرة) فأنا ولله الحمد.. لم ولن أتطلع لمنصب مهما قل شأنه وتواضع حاله في حكومتكم هذه هي حكومة(التمكين).. وذلك فقط لان حكومتكم تقتنع في صرامة حديدية.. إني لست من أهل التمكين بل من أهل(الزحزحة) والخلخلة.. والتخريب.. وسبب جوهري.. آخر.. وهو إني من (الحرافيش) ومن غمار الناس بل من الدهماء.. الذين إن اجتمعوا ضروا وإن تفرقوا لا يأبه لهم أحد.. نسألك الرحيلا... لأن في عهدكم.. سمعنا.. بالعجب.. ورأينا ما لم يكن يخطر على بالنا.. منذ أن أنعم الله على بلادنا.. باشراق شمس الإسلام في أوديتها.. ودروبها.. وكل أرضها.. رأينا عياناً بياناً.. ركناً ركيناً.. من الإسلام.. تنتهك قدسيته في رابعة النهار.. سمعنا بالحج السياحي.. ووالله حرام.. أن يقترن الطواف بالبيت الحرام.. حتى بكلمة السياحة.. وهو ركن المشقة وتصفير الأقدام.. في التراب.. طمعاً في رضاء ومرضاة الله الذي وضع ذاك البيت.. سمعنا ورأينا بالحج على نفقة الدولة.. وكنا إلى وقت قريب.. نعلم ونتعلم من أساتذتنا ومشايخنا الأجلاء.. إن الحج لمن استطاع اليه سبيلاً.. وإن للحج شروطاً صارمة وقاطعة.. أولها أن يكون الحج من حر مالك شريطة أن يكون مالاً حلالاً.. وأعلم سيدي.. إن أي مواطن أو مواطنة قد حج طيلة عهدكم على نفقة الدولة.. أنا (ماعافي ليهو حقي).. وذلك لأن مال الدولة هو مال عام.. وأنا كمواطن في هذه الدولة لي نصيب في ذاك المال.. ثم سمعنا.. أنين الحجاج.. كل عام.. كل عام.. عندما يعودون من تلك الديار المقدسة وكيف أنهم تعرضوا(للبهدلة)و(المرمطة).. والعذاب.. من بعثاتكم تئن من ثقلها مقاعد الطائرات.. سمعنا بحكاية الألف أمير وأيضاً هي من مال الشعب.. وبالمناسبة.. ماذا أنتم فاعلون إذا رفض أحد الحجاج.. أن يأتمر بأمر أمير محدد... رافضاً رفضاً صارماً.. أن يكون له قائداً ومرشداً وأميراً. سيدي.. قطع شك إن لك أجر الاجتهاد.. ولكن صدقني لقد فاتك أجر الإصابة.. مرة أخرى.. لك عاطر شكرنا على ما تقدم من عمل.. ولكن لك وداعنا الحار.. ووفقك الله في موضع آخر لو تكرمت بالرحيل.. ملحوظة: هذه البرقية للسيد الدكتور أزهري التجاني.. هي ذاتها مكررة للسيد وزير الدولة بالأوقاف والارشاد.. ومكررة أيضاً للسيد أحمد عبد الله مدير عام الهيئة العامة للحج والعمرة.