الأحبة "الأخوان" من شباب المؤتمر الوطني.. لكم الود والاحترام والسلام. ومازال زوقنا ينزلق خفيفاً في نهر "الونسة" التي نأمل أن تتحول إلى خير عميم يتدفق على الوطن.. ولا بأس أن نذكركم بما فعل شيوخكم ليلة إعصار الإنقاذ وكيف إنها قد أتت خيول مجنونة مالهن قوائم دهست لوحات فاتنة كانت تضيء جنبات الوطن في روعة وإبهار.. نعيد لكم تاريخاً مرعباً متوحشاً ونأخذكم إلى تلك الأيام المفزعة التي عشنا تحت لهيب نارها التي كانت لها ضرام.. أنا واثق أنكم لمن تتذكرون شيئاً من تلك الأيام.. فقط لأنكم الآن في فجر الصبا وفي عنفوان الشباب وإذا طرحتم ستة وعشرين عاماً من أعماركم ترتدون إلى عمر هو إلى الطفولة أقرب. وتندلع "ثورتكم" ثورة الإنقاذ.. وتهب على الوطن رياحاً وأعاصير دونها صرصر العاتية.. يعتقد شيوخكم وكل الحرس القديم أنهم إنما جاءوا لنشر الفضيلة و "كنس" الرزيلة من هذا الوطن البديع.. اعتقدوا في يقين وتيقنوا في تصميم أنهم قد وجدوا هذا الوطن و "أهله" وطناً متهتكاً متفسخاً لا يصحو ولا ينام إلا على الغناء ورزيم الطبل ورنة العود وأنيق الكلمان والناي.. جاء مولانا الطيب مصطفى وتسلم "رسن" التلفزيون.. ثم أخرج سكيناً لامعة حادة الحواف من درج مكتبه ثم "تكى" مكتبة الغناء وراح يذبح كل أشرطة الغناء وجرى الدم أنهاراً من جراء تلك الذبحة وتسلل من بين الشقوق.. استعان مولانا الطيب بمطربين "مغمورين" أو فاشلين أو منافقين وعدوا له الذبائح فنحرت كل أغنية تحمل كلمة " الكأس" في أحشائها.. نحرت "كسلا" وذبحت القبلة السكرى واغتيلت كل أغاني صلاح محمد عيسى الذي كان يردد ساخراً إن كل أغانيه قد أعدمت ولم يتبقَ له غير "رمية" واحدة.. حتى أغنية الراحل سعد الدين إبراهيم "العزيزة" قد طالتها سكين الذبح.. فقط لأن أحد المطربين الفاشلين والذي فشل في أن يكون له جمهور حتى من ستة معجبين.. فقد أوصى هذا الرجل إيقاف أغنية "العزيزة" بدعوى أن هناك كلمات في الأغنية تقول.. سلمى على ضفايرك موجه.. موجه وكلميها.. فقد قال الرجل في "بلاهة" يحسدها عليه "أبلد" معتوه إن هذا الغناء يخاطب "بت غير متحجبة" ويالبؤس التفكير المهم إن تلك المذبحة أصبحت من الذكريات.. وأن صبحاً قد أشرق على الوطن.. وأن تلك الحقبة الحزينة قد انطوت.. وأن خيول الإنقاذ قد عاد لها الهدوء والوقار.. وأن كل أولئك الغلاة والمغالين قد ترجلوا من صهوات الجياد.. وإنكم الآن تمثلون الطبقة الثانية من الإنقاذ.. وإن فرصة تاريخية تنتظركم وإن سطراً في كتاب التاريخ يناديكم أن تكتبوه.. وإن التاريخ وعجلته الهائلة لن توقفها القرارات العنترية والمغالاة والسباحة عكس التيار.. نتنظر منكم أن تتصالحوا مع الشعب.. واعلموا أن الإنقاذ عندما جاءت لم تجد الأمة متحلقة حول أصنام هبل ونسرا.. وإن الانقاذ عندما جاءت لم تجد الناس في دار الندوة.. وإن الإنقاذ قد وجدت الدين الإسلامي محتشداً في الصدور وراكزاً في تربة وطن عرف الإسلام قبل ألف وأربعمائة عام وتزيد.. ومع السلامة.